خمس وصايا من رسول الله

  • الحلقة السابعة و العشرون
  • 2016-04-06

خمس وصايا من رسول الله

بسم الله الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، والصلاة والسلام على النبي العدنان وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، إلى خمسة أمورٍ جديدة في قضايا الدين والدنيا والآخرة.
خمسُ وصايا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أولاً: رحمة المساكين ومجالستهم
جاء في مسند الإمام أحمد:

{ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَوْصَانِي حِبِّي بِخَمْسٍ : أَرْحَمُ الْمَسَاكِينَ وَأُجَالِسُهُمْ }

(مسند الإمام أحمد)

كان صلى الله عليه وسلم يحب المساكين
لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاءٍ صحيح: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِين، كان صلى الله عليه وسلم يحب المساكين ويتمنى أن يحيا معهم وأن يموت معهم وأن يُحشر معهم وهذا جبر خاطرٍ لكل إنسانٍ لا يملك من الدنيا مزيداً من مالٍ أو متاعٍ أو عَرَض وإنما جُعل رزقه استجابةً لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم اللّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً، أي شيئاً يكفيهم في حياتهم لأن ما قلَّ وكفى خيرٌ ممّا كثُرَ وألهى، أي ألهى عن طاعة الله تعالى،

{ ويقول صلى الله عليه وسلم: للسيدة عائشة، يَا عَائِشَةُ لَا تَرُدِّي الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، أَحِبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }

(رواه الترمذي)

لكن الذي يلفت النظر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بالله من الفقر،اللّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، فالمسكنة تعني تحقيق الكفاية ولكنها لا تعني الفقر، لا يجب على الإنسان أن يتمنى أن يكون فقيراً بل ينبغي أن يسعى لكسب رزقه.

ثانياً: النظر إلى من هو دونك وعدم النظر إلى من هو فوقك
قال: أوصاني حبي بخمسٍ: أَرْحَمُ الْمَسَاكِينَ وَأُجَالِسُهُمْ، وأنظر إلى من هو تحتي ولا أنظر إلى من هو فوقي، هذا في شؤون الدنيا انظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك، وفي الحديث:

{ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: انْظُرُوا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ }

(متفقٌ عَلَيْهِ)

تعظيم نعم الله
حينما تنظر إلى من هو دونك في الدنيا إلى إنسانٍ دخله أقل من دخلك، صحته ليست على ما يرام كصحتك، قوته ليست كقوتك، حينما تنظر إلى من هو دونك تَعظُم نعمة الله عندك فإذا نظرت إلى من هو فوقك ازدريت نعمة الله عليك ولم تشعر بها، أما في شأن الآخرة فينظر الإنسان إلى من هو أعلى منه.

ثالثاً: صلة الرحم وإن أَدْبَرَتْ
إذاً أوصاني حبي بخمس: أرحم المساكين وأجالسهم، أنظر إلى من هو تحتي ولا أنظر إلى من هو فوقي وأن أصل الرحم وإن أَدْبَرَتْ، ففي الحديث الصحيح:

{ لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا }

(رواه البخاريّ والترمذيّ)

الذي يصل رحمه ليس الذي يكافئهم على صلتهم، ليس هذا هو المعنِي، ولكن الوَاصِلَ من إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا، الواصلُ هو إنسان يبادر لا ينتظر الآخرين، لم يزرني أنا أزوره، لأن الزيارة لله، لم يأتِ لي بهدية أنا آتيه بهديةٍ، إن استطعت، ينبغي أن ننتقل من مفهوم المكافأة إلى مفهوم المبادرة.

رابعاً: قول الحق وإن كان مرّاً
قول الحق وإن كان مرّاً
أوصاني حبي بخمس: أرحم المساكين وأجالسهم، وأنظر إلى من هو تحتي ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ، أي أعرضت، وأَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا، الموضوعية تجعل الإنسان يتكلم كلمة الحق ولو على نفسه هذه أعلى قيمة، أن يتكلم الإنسان كلمة الحق ولا يخاف في الله لومة لائم، قال تعالى:

الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ
(سورة الأحزاب: الآية 39)

{ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَلَا نَخَافَ في الله لَوْمَةَ لَائِمٍ }

(صحيح البخاري)


خامساً: قول : لا حول ولا قوة إلا بالله
أوصاني حبي بخمس: أرحم المساكين وأجالسهم، أنظر إلى من هو تحتي ولا أنظر إلى من هو فوقي، أن أصل الرحم وإن أدبرت، أن أقول بالحق وإن كان مرّاً، وأن أقول: لاحول ولا قوة إلا بالله، وفي الحديث الصحيح:

{ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، كنزٌ مِنْ كنوز الْجَنَّةِ }

(أخرجه الترمذي في سننه)

معنى لا حول ولا قوة إلا بالله
المعنى الأول لكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله، أي لا تحويل للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله، المعنى الثاني: ليس لي حيلةٌ يارب على دفع شرٍ قادمٍ إليَّ ولا قوة لي على استقبال خيرٍ قادمٍ إليَّ إلا بتوفيقك وإرادتك.

{ أوصاني حبي بخمس: أرحم المساكين وأُجالسهم، أنظر إلى من هو تحتي ولا أنظر إلى من هو فوقي، أن أصل الرحم وإن أدبرت، أن أقول بالحق وإن كان مرا، وأن أقول: لاحول ولا قوة إلا بالله }

(مسند الإمام أحمد)

أسأل الله عز وجل أن يعيننا على تطبيق وصيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى لقاءٍ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.