• الحلقة الرابعة عشر
  • 2016-05-23

عبد حبشي

الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. إلى لقاءٍ جديد ومع موقفٍ جديد:


عبد حبشي:

{ جاء عبد أسود حبشي من أهل خيبر كان في غنمٍ لسيده، فلمّا رأى أهل خيبر قد أخذوا السلاح سألهم ما تريدون، قالوا نقاتل هذا الذي يزعم أنه نبي، فوقع في نفسه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل بغنمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ماذا تقول؟ وما تدعو إليه ؟ قال: أدعو إلى الإسلام، وأن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله، وأن لا تعبد إلا الله، قال هذا العبد الحبشي: فمالي إن شهدت وآمنت بالله عز وجل، قال: لك الجنة إن متّ على ذلك، فأسلم، ثم قال: يا نبي الله، إن هذه الغنم عندي أمانة فقال صلى الله عليه وسلم: أخرجها من عندك وارمها بالحصباء وهي منطقة قريبة من خيبر، فإن الله سيؤدي عنك أمانتك، ففعل، فرجعت الغنم إلى سيدها، فعلم اليهودي أن غلامه قد أسلم.فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فوعظهم وحضّهم على الجهاد، فلمّا التقى المسلمون مع أعدائهم قتل فيمن قتل العبد الأسود هذا الذي أسلم في بداية الغزوة، فاحتمله المسلمون إلى معسكرهم فأُدخل في الفسطاط، ثم أقبل النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه وقال: لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير ولقد رأيت عند رأسه اثنتين من الحور العين ولم يصل لله سجدةً قط . }

(أخرجه الحاكم )


راعي الغنم والأمانة:
فتح النبي قلوب أعدائه بالأخلاق
أيها الإخوة؛ هذا الراعي الذي أسلم لتوه لم يقبل أن يأخذ غنم سيده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنكر عليه ذلك بل أمره أن يوصل الأمانة إلى منطقة قريبة من ديار سيده وأخبره أن الله عز وجل سيتولى إيصالها إلى صاحبها لينجو هو بنفسه ويدخل في دين الله، بهذه الأخلاق العالية استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفتح قلوب أعدائه، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً وأُنموذجاً يُتَّبَعْ بالأمانة حين هاجر من مكة إلى المدينة وترك سيدنا علي في فراشه ليؤدي الودائع التي عنده إلى أهلها، رغم أنه كان في حالة حرب مع قريش التي سلبته وسلبت أصحابه أموالهم وبيوتهم، لكن الصادق الأمين أدى إليهم أموالهم بأمانة لا تعرف الحدود.

دخل الجنة وما سجد لله سجدة:
العبرة في العملٍ من العقيدةٍ والإخلاصٍ
هذه هي الأمانة، والأمانة غنى، لقد استطاع هذا العبد الحبشي بصدقه مع الله أن يحرق كل المراحل أن يصل إلى منزلة عالية في الجنة مع أنه لم يسجد لله سجدة قط ، وهنا يتضح أثر النية في ثواب المؤمن لقد فهم هذا الراعي الذي قد لا يملك كثيراً من المعلومات لكنه يملك إخلاص قلبه فهم حقيقة الدين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وأن لا تعبد إلا الله، إنه إعلان العبودية لله وحده والتخلي عن كل ما سواه وفعلاً وعى الراعي على ضعف ثقافته ، وعى الدرس بشكلٍ كامل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقلب الدرس في واقعه سلوكاً فقدّم روحه لله تعالى، فوصل إلى ما يمكن أن يصل إليه إنسان آخر بعد سنواتٍ وسنوات من المجاهدة والمصابرة والمثابرة إذاً ليست العبرة في كثير العمل أو قليله ولكنها في عملٍ نابعٍ من عقيدةٍ صحيحة وإخلاصٍ كبيرٍ لله تعالى لقد كانت نتيجة صدق هذا العبد في نيته وصدق اندفاعه إلى تنفيذ ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت نتيجته أن أكرمه الله عز وجل وساقه إلى الخير لما علم فيه من الخير، ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه اثنتين من الحور العين رغم أنه لم يصل لله سجدة قط.
إلى لقاءٍ آخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.