لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة
حجّ سيدنا عمر رضي الله عنه فلم يضرب في طريقه فسطاطاً وإنما كان يلقي الرداء على شجرةٍ فيستظل بها، وحين انتهى من حجِّه ونفر من منى، رفع يديه قائلاً: اللهم قد كبِرت سنِّي وضعُفت قوتي وانتشرت رعيتي فخذني إليك غير مفرِّط ولا مضيِّع، اللهم ارزقني شهادةً في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك، ويتقبل الله من المتقين ، ثم رجع عمر رضي الله عنه إلى المدينة المنورة، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وخطب يوم الجمعة وذكر في خطبته نبي الله صلى الله عليه وسلم وذكر أبا بكرٍ رضي الله عنه وأرضاه ثم قال: رأيت كأن ديكاً نقرني نقرةً أو نقرتين وإني لا أراه إلا حضور أجلي، وإنّ قوماً يأمرونني أن أستخلف، وإن الله لم يكن ليضيع دينه، فإن عجّل بي أمرٌ، أي مت قبل أن استخلف، فالخلافة شورى بين الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وفي صباح يومٍ من أيام الله وبينما عمر رضي الله عنه يصلي بالناس صلاة الفجر ويكبِّر ويبدأ في القراءة، بينما هو كذلك إذ تقدّمت إليه يدٌ من أيادي الأعداء التي لا تتسلل إلا في الظلام فيهوي صريعاً والدماء تنبعث منه، فما راعَ الناس إلا تكبير عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، إذ أخذه عمر رضي الله عنه بيده فقدمه ليكمل الصلاة، فصلوا صلاة الفجر صلاةً خفيفةً وأما القاتل فما كان منه إلا أن قتل نفسه، وحُمِلَ عمر إلى بيته وهو في دمه، فقيل يا أمير المؤمنين: الصلاة الصلاة، فقال عمر: لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ثم وثب ليقوم إلى صلاته فانبعث جرحه دماً، فقال:هاتوا لي عمامةً فعصبَ بها جرحه ثم صلى، ولما سلم من صلاته قال: أيها الناس هل كان هذا على ملأٍ منكم؟ فقال عليٌ رضي الله عنه والله لا أدري من الطاعن من خلق الله أنفسنا تفدي نفسك ودماؤنا تفدي دمك لوددنا أن الله زاد في عمرك من أعمارنا ثم علم عمر أن طاعنه هو عدو الله أبو لؤلؤة المجوسي، فقال عمر: قاتله الله لقد أمرت به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدةٍ سجدها قط، كان عمر على فخذ ابنه عبد الله فقال: يا بني ضع خدي على الأرض علّ الله أن يرحمني، فلم يفعل عبد الله، فأعادها قائلاً: ضع خدي على التراب لا أمّ لك يا عبد الله، يقول عبد الله: فوضعت خده إلى الأرض حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجاً من بين أضغاث التراب وبكى وأصغيت إليه لأسمع ما يقول فإذا به يقول: بل ويلَ عمر إن لم يتجاوز الله عنه، ويلَ عمر إن لم يتجاوز الله عنه.