الصحابي جليبيب الجزء الاول

  • الحلقة الأولى
  • 2016-04-23
  • عمان

الصحابي جليبيب الجزء الاول

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


قصة الصحابي جليبيب مع رسول الله :
موقفنا اليوم مع رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: جليبيب، في وجهه دمامةٌ، عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج، فقال جليبيب: إذاً تجدني كاسداً يا رسول الله، أي من يزوجني وأنا الفقير الدميم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: غير أنك عند الله لست بكاسد، فلم يزل صلى الله عليه وسلم يتحين الفرص حتى يزوج جليبيباً، حتى جاء رجلٌ من الأنصار يوماً يعرض ابنته الثيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتزوجها، فقال صلى الله عليه وسلم: نعم يا فلان زوجني ابنتك، قال: نِعِمَّ وَنُعْمَةُ عَيْنٍ يا رسول الله، ظن أن الزواج لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لست أُريدها لنفسي، قال: فلمن؟ قال: أزوجها لجليبيب، قال: جليبيب يا رسول الله؟ لا بد أن أستأذن أمها، ثم مضى إلى أمها، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك، قالت: نِعِمَّ وَنُعْمَةُ عَيْنٍ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ليس يريدها لنفسه، قالت: لمن؟ قال: يريدها لجليبيب، قالت: لجليبيب! لا, لَعَمْرُ اللَّهِ لا أُزَوِّجُ جُلَيْبِيبًا، وقد منعناها فلاناً وفلاناً، أي جاءنا من هو أهم من جليبيب بكثير، مالاً وجمالاً، ولم نزوجها، فكيف نزوجها بعد ذلك لهذا الرجل الفقير الدميم؟ فاغتم أبوها لذلك، ثم قام ليذهب إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فصاحت الفتاة من خِدْرِهَا، من خطبني إليكما، من الخاطب؟ قال الأب: خطبكِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ : أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ؟ ادْفَعاني إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي، هذه المرأة جسدت حقاً قول الحق تبارك وتعالى:

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا
[ سورة الأحزاب: 36]


إن كان الله هو الآمر فهو الحافظ والضامن جلّ جلاله :
ما دام الله هو الآمر فهو الحافظ والضامن
لقد ذكرتنا تلك المرأة بقولها: ادْفعا بي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي، ذكرتنا بأستاذة اليقين السيدة هاجر، حينما تركها سيدنا إبراهيم عليه السلام بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، ونادته يا إبراهيم إلى من تتركنا في هذه الصحراء التي لا نبت فيها ولا ماء؟ ثم قالت: هل الله أمرك بهذا؟ فأشار أن نعم فقالت: إذاً لا يضيعنا، كلمةٌ ما أحوجنا إليها،
عندما نقوم بعملنا وفقاً لأوامر الله فلن يضيعنا
فما دام الله هو الآمر فهو الحافظ والضامن جل جلاله، ونحن نقول: أيها الأب هل الله أمرك أن تتقي الله في بيتك؟ في زوجك؟ في أولادك؟ إذاً لا يضيعك، أيتها الأم هل الله أمرك أن تطيعي زوجك وتربي أولادك؟ إذاً لا يضيعك، أيها الطبيب هل الله أمرك أن تتقي الله في هذا المريض ألا تبتز ماله؟ ألا تصف له دواءً ليس بحاجته؟ إذاً لا يضيعك، أيها التاجر هل الله أمرك ألا تغش المسلمين؟ ألا تحتكر أقواتهم؟ ألا تعبث بصحتهم؟ ألا تبني مجدك على أنقاضهم؟ إذاً لا يضيعك، أيها الموظف هل الله أمرك ألا تنشغل عن مراجعيك؟ ألا تكلفهم ما لا يطيقون؟ إذاً لا يضيعك، أيها المدرس هل الله أمرك أن تعلم بإخلاص؟ ألا تلجئ طلابك وأهليهم إلى دروس خاصة فوق طاقتهم؟ إذاً لا يضيعك، أيها الشاب هل الله أمرك أن تغض بصرك وتحفظ فرجك وتطلب العلم؟ إذاً لا يضيعك، أيتها الشابة هل الله أمرك أن تتحجبي وتتعففي وتطلبي العلم؟ إذاً لن يضيعك، وصدق الله تعالى إذ يقول:

إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
[ سورة النور: 51]

صدق الله العظيم
وإلى لقاءٍ آخر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.