• الحلقة السادسة
  • 2016-05-04

عمر يتفقد رعيته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.


قصة تبين تفقد عمر لرعيته :
حرص عمر على تفقد رعيته
موقفنا اليوم يرويه الإمام أحمد في الفضائل عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى إذا كنا بمرتفعٍ إذ بنارٍ بعيدة، فقال عمر: يا أسلم إني أرى هناك ركباً حبسهم الليل والبرد فانطلق بنا، قال: فخرجنا نهرول حتى وصلنا فإذا هي امرأةٌ معها صِبْيَةٌ صغار، وإذ بقِدرٍ على النار، وحولها الصبيان يتضاغون، - أي يبكون من الجوع- فقال عمر: السلام عليكم يا أهل الضوء، وكره رضي الله عنه أن يقول: يا أهل النار، فقالت: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقال: أأدنُ؟ قالت: ادنُ بخيرٍ أو دع، فدنا رضي الله عنه فقال: ما بكم؟ قالت قد قصر بنا الليل والبرد، قال فما لهؤلاء الصبيان يتضاغون؟ قالت: إنه الجوع، قال: فماذا في القِدر؟ قالت: ماء أسكتهم به حتى يناموا، ليس فيه طعام، والله بيننا وبين عمر، قال عمر: أي رحمك الله، وما يدري عمر بكم؟ قالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا، الله بيننا وبينه، قال أسلم: فأقبل عمر عليَّ وبه ما به يقول: انطلق، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق فأخرجنا كيساً من دقيقٍ، وكبة من شحمٍ فحملها على ظهره، فقلت له: أحملها عنك يا أمير المؤمنين! قال: لا أمَّ لك، أتحمل عني وزري يوم القيامة؟! قال: فانطلقنا حتى أتيناها فألقى الكيس عندها وأخرج منه دقيقاً وقال: ذري عليَّ، وأنا أُحرك، وجعل ينفخ تحت القِدر، والدخان يتخلل لحيته، فلو رأيته لرأيت عجباً، ثم أنزل القِدر فأتته بصحفةٍ فأفرغ فيها الطعام، ثم جعل يقول: أطعميهم وأنا أسكب لهم، فلم يزل كذلك حتى شبعوا، ثم ترك عندها فضل ذلك الطعام وخرج من عندها وهي تقول: جزاك الله خيراً كنت أولى بهذا الأمر من عمر، هي لا تعلم أنه عمر، قال: قولي خيراً، قولي خيراً، ثم تنحى عنهم ناحيةً فاستقبلهم وجلس يراقبهم، يقول أسلم: فقلت إن له لشأناً فهو لا يكلمني حتى رأى الصبية يصطرعون- يتعاركون، يلعبون- ثم ناموا، فقال: يا أسلم ما أسهرهم إلا الجوع، فأحببت ألا أنصرف حتى أرى ما رأيت.
فمن يباري أبا حفصٍ وسيرتَـــــــــــــه أم مــــــن يحاول للفاروقِ تشبيهـا ومــــن رآه أمام القدر منبطحًــــــــــــــا والـــنـارُ تأخذ منه وهو يذكِيْـهَــــــــا لـقـد تـخـلــل في أثـنـاء لحيـتـــــــــــــــه منها الدخان وغاب فُـوهُ فِي فِيهَـا رأى هناك أمير المؤمنين علــــــــــى حـالٍ تروع لـعَــمْرُ الله رائِــيْـهَــــــــــــا يستقبل النارَ خوف النارِ في غَدِه والعَيْنُ من خشيةٍ سالت مآقِـيـهـا ***
{ حافظ إبراهيم - شاعر النيل }

على كل إنسان أن يتفقد رعيته لأننا محاسبون أمام الله تعالى :
على كل إنسان أن يتفقد رعيته
أيها الأخوة الكرام؛ عمر رضي الله عنه يتفقد رعيته فهل نتفقد نحن رعيتنا؟ أيها الأب هل تتفقد حال زوجك وأبنائك؟ أيها المدير هل تتفقد موظفيك؟ أيها المعلم هل تتفقد طلابك؟ أيها التاجر هل تتفقد زبائنك؟ أيها الطبيب هل تتفقد مرضاك؟ أيها المهندس هل تتفقد مشروعاتك؟ أيها المزارع هل تتفقد أراضيك؟ أيها الضابط هل تتفقد جنودك؟ كلٌ منا عنده ما يتفقده، فإذا ما أهمل رعيته فإنه محاسب عليها أمام الله تعالى، واسمعوا إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول:

{ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ }

(أخرجهما البخاري ومسلم )

فلنتفقد رعيتنا كما كان عمر رضي الله عنه يتفقد رعيته. وإلى لقاءٍ آخر.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته