• الحلقة الأولى
  • 2021-04-13

زمان الاتصال

هذا البرنامج ( همسة محب ) مخصص للذوق العام في التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، وفي كل حلقة من حلقاته نسلط الضوء على ظاهرة من ظواهر تعاملنا مع وسائل الاتصال والتواصل، ومنهجنا في هذه الحلقات كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم القائل:

{ إنَّهُ ليس شيءٌ يُقَرِّبُكُمْ إلى الجنةِ إلَّا قد أَمَرْتُكُمْ بهِ، و ليس شيءٌ يُقَرِّبُكُمْ إلى النارِ إِلَّا قد نَهَيْتُكُمْ عنهُ }

(صحيح الألباني)

أخي الحبيب اسمح لي أن أهمس في أذنك همسة محب فأقول:
بعض الناس يغلقون هواتفهم ليلاً، أو في أوقات راحتهم أو عند دخولهم المسجد، وهناك من لا يفعل أو ينسى أن يفعل، وفي الوقت نفسه هناك من لا يستطيع إغلاق هاتفاً ليلاً أو نهاراً، إذ تتطلب طبيعة عمله إبقاء هاتفه فعالاً بشكل مستمر كالطبيب أو من ينتظر اتصالاً مهماً ونحوِ ذلك، على كل حال يجب على المتصل أن يختار الوقت المناسب للاتصال كيلا يكون سبباً في إيذاء أخيه أو ترويعه.
يقول تعالى:

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58)
(سورة الأحزاب)

أليس الاتصال بعد منتصف الليل لغير ضرورة إيذاءً لأخيك المسلم!
وقد ثبت في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم:

{ يا معشر من أسلم بلسانه و لم يدخل الإيمان في قلبه ! لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم }

(صحيح الألباني)

بالإضافة إلى ذلك فإن الاتصال في وقت متأخر قد يروع أخاك المسلم ويظن الظنون ريثما يرد عليك فيفاجأ بأن الموضوع بسيط جداً لا يتطلب الاتصال في هذا الوقت المتأخر، وتكون بذلك قد روَّعته وقد ثبت في الحديث:

{ لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروِّعَ مسلمًا }

(صحيح أبي داوود)

ومن صور الإيذاء تكرار الاتصال لغير ضرورة: بعض الناس يتصل بك وقد تكون في صلاتك أو في مسجدك أو في مجلس علم أو منهمكاً بحديث مهم فلا تجيبه فيكرر الاتصال مرات ومرات متتالية دون كلل أو ملل.
يقول تعالى في أدب الاستئذان:

فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)
(سورة النور)

إن اتصالك بأخيك هاتفياً يقترب من طرقك لبابه، وعدمُ إجابته لاتصالك كأنها تقتضي منك أن ترجع!
وفي الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَال :

{ كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأْنْصَارِ، إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ، كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ فَقَال: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلاَثًا، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَرَجَعْتُ، وَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ }

(صحيح البخاري)

أما عن مدة الانتظار بين الاستئذانين فقد نص الفقهاء على ذلك فَقَالُوا: يَمْكُثُ بَعْدَ كُل مَرَّةٍ مِقْدَارَ مَا يَفْرُغُ الآْكِل، وَالْمُتَوَضِّئُ، وَالْمُصَلِّي بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ.
أفلا ينطبق هذا الحكم على المتصل هاتفياً فإن اتصلت بأخ لك أو صديق ولم يجبك فانتظر لربُع ساعة على الأقل، ثم أعد الاتصال، ولا تكرر الاتصال مباشرة إلا عند الضرورة.
بالمقابل: بعض الناس لا يرد على الاتصال من غير سبب وقد قال صلى الله عليه وسلم:

{ للمؤمنِ على المؤمنِ ستُّ خصالٍ يعودُهُ إذا مرضَ، ويشْهدُهُ إذا ماتَ، ويجيبُهُ إذا دعاهُ، ويسلِّمُ عليْهِ إذا لقيَهُ، ويشمِّتُهُ إذا عطسَ، وينصحُ لَهُ إذا غابَ أو شَهدَ }

(أخرجه الترمذي والنسائي)

ويجيبه إذا دعاه: والاتصال الهاتفي دعوة في بعض معانيه فأجب أخاك إن اتصل بك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
والحمد لله رب العالمين