ستة أشياءٍ تُغلق باب التوفيق
ستة أشياءٍ تُغلق باب التوفيق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا، وبارك لنا بشيخنا وبحياته وبعمره. |
أحبابنا الكرام: ذكَرَ ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه الفوائد عن شقيقٍ البلخي أنه قال: أُغلِقَ بَابُ التوفيقِ عَنْ الخَلْقِ مِنْ سِتةِ أشْيَاء، أي بسبب أشياء ستة، ما هذه الستة التي تُغلق باب التوفيق؟ |
1- اشْتغالُهُمْ بالنعمةِ عَنْ شُكْرِهَا
إخواننا الأحباب: اليوم كنَّا في ضيافة أخينا، وقدَّم لنا ما قدَّم جزاه الله خيراً، فالآن لو افترضنا أننا وضعنا مصوِّرة- كاميرا- وصوَّرتنا وقد أكلنا الطعام الطيِّب الذي طيَّبته العافية ولله الحمد والمِنَّة، ثم خرجنا ونسينا أن نقول لصاحب الدار: جزاك الله عنا خيراً، فما يكون حالنا إذا نظرنا بما صورته المصوِّرة؟! لقد نسينا أن نشكُر صاحب الطعام، اشتغلنا بالطعام عن صاحب الطعام. |
انتقل من النعمة إلى المُنعم
|
وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)(سورة الرحمن)
فابقَ مع الله جلَّ جلاله، ولا تبقَ مع النعمة الزائلة، نستمتع بالنعمة دون أن ننسى المنعم. |
أُغلِقَ بَابُ التوفيقِ عَنْ الخَلْقِ مِنْ سِتةِ أشْيَاء: اشْتغالُهُمْ بالنعمةِ عَنْ شُكْرِهَا. |
2- رغبتُهُمْ فِي العلمِ وَتركُهُمْ العملَ.
العلم ما عُمل به
|
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)(سورة المجادلة)
في آية ثانية: |
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10)(سورة فاطر)
فالعلم والعمل قيمتان اعتمدهما القرآن الكريم للترجيح بين الخلق، لكنّه العِلم الذي يؤدي إلى العمل، أما العِلم الذي لا يؤدي إلى عمل فلا قيمة له. |
أيها الكرام؛ أُغلِقَ بَابُ التوفيقِ عَنْ الخَلْقِ مِنْ سِتةِ أشْيَاء: اشْتغالُهُمْ بالنعمةِ عَنْ شُكْرِهَا، ورغبتُهُمْ فِي العلمِ وَتركُهُمْ العملَ. |
3- المُسَارعَةُ إلى الذنْبِ وتأخيرُ التوبةِ
نحن أُمِرنا أن نُسارع إلى التوبة وأن نُؤخِّرَ الذنب، فإذا بالبعض يُسارع إلى الذنب ويُؤخِّر التوبة، يقول: سوف أتوب، و(سَوْفَ) جنديٌ من جنود إبليس، وقد قالوا: |
وَاطْرَحْ سَوْفَ وَحَتَّى فَهُمَا دَاءٌ دَخِيـــــــــلُ{ كتاب التبصرة لابن الجوزي }
لا تقُل: حتى أنهي الدراسة أبدأ بالاستقامة، بل استقم الآن، لا تقل: ينتهي هذا المشروع وإن شاء الله لن يكون هناك مشروعات قادمة بالربا، بل بدءاً بهذا المشروع أوقِفْ الربا، فما أدراك أنك تعيش إلى المشروع الذي يليه! ثم قد تقول: أتزوج ثمَّ أستقيم، وما أدراك أنك ستتزوج يا أخي! وما أدراك أنك تموت قبل أن تتزوج، فلا تقل: سَوْفَ وَحَتَّى، وقد قيل: هَلَكَ الْمُسَوِّفُونَ. |
فالإنسان لا ينبغي أن يقول: سَوْفَ، وإنما يُبادر الآن إلى التوبة ويُؤخِّر الذنب، يَترك الذنب، كلنا ذو خطأٍ لكن الإنسان ينبغي أن يبادر إلى باب الله. |
أُغلِقَ بَابُ التوفيقِ عَنْ الخَلْقِ مِنْ سِتةِ أشْيَاء: اشْتغالُهُمْ بالنعمةِ عَنْ شُكْرِهَا، ورغبتُهُمْ فِي العلمِ وَتركُهُمْ العملَ، والمُسَارعَةُ إلى الذنْبِ مع تأخيرِ التوبةِ. |
4- اﻻغترارُ بصُحْبَةِ الصَّالِحينَ وتركُ اﻻقْتدَاءِ بِفعالِهِمْ
قالوا: المَحْرُوْمُ مَنْ حُرِمَ مَنْ بَرَكَةِ أَهْلِ زَمَانِهِ. |
أهمية الاقتداء بأفعال الصالحين
|
{ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ، هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ }
(رواه مسلم)
(هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ) كما صحَّ في الحديث، بعضنا يأخذ بيد بعضٍ إن شاء الله، وصُحبتنا للصالحين فيها خير، لكن لا نغترُّ بها، جلسنا مع الشيخ، أخذنا صورةَ تذكاريةً ورجعنا إلى أعمالنا المخالفة للشريعة، والله ما فعلنا شيئاً، لكن ينبغي أن نبدأ نصح لنا الشيخ، نقتدي بما قاله شيخنا، نقتدي بفِعَالِهِ وأخلاقه وعِلمِهِ، وبكلِّ الصالحين. |
أُغلِقَ بَابُ التوفيقِ عَنْ الخَلْقِ مِنْ سِتةِ أشْيَاء: اشْتغالُهُمْ بالنعمةِ عَنْ شُكْرِهَا، ورغبتُهُمْ فِي العلمِ وَتركُهُمْ العملَ، والمُسَارعَةُ إلى الذنْبِ وتأخيرُ التوبةِ، واﻻغترارُ بصُحْبَةِ الصَّالِحينَ وتركُ اﻻقْتدَاءِ بِفعالِهِمْ. |
5- إدْبَارُ الدُّنْيَا عَنْهُمْ وهُمْ يتبعونَهَا وإقْبَالُ اﻵخرةِ عَليْهِمْ وهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهَا
نحن منذ خُلقنا استدبَرْنَا الدنيا واستقبَلنا الآخرة، قال تعالى: |
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)(سورة الزمر)
نحن في الدنيا ضيوف
|
{ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ لأَصْحَابِهِ: (اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا }
(رواه الترمذي)
(اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا) لم يقل: لا تجعل الدنيا همَّنا، من ذا الذي لا تكون الدنيا هماً من همومه! يريد أن يزوِّج أولاده وبناته، ويريد أن يشتري بيتاً، وأن يُؤسس عملاً، كلنا الدنيا همٌ من همومنا، لكنها ليست أكبر همِّ المؤمن، أكبر همٍّ هو الآخرة والدنيا يأخذ منها بما يُوصله إلى الهدف وبما يُعينه على الهدف، فإن كان المال يُعينه على طاعة الله فيا حبَّذا المال، وإن وجد أنه يصرِفُه عن طاعة الله فالحمد لله أن صَرَفَ عني المال، وهكذا. |
أُغلِقَ بَابُ التوفيقِ عَنْ الخَلْقِ مِنْ سِتةِ أشْيَاء: اشْتغالُهُمْ بالنعمةِ عَنْ شُكْرِهَا، ورغبتُهُمْ فِي العلمِ وَتركُهُمْ العملَ، والمُسَارعَةُ إلى الذنْبِ وتأخيرُ التوبةِ، واﻻغترارُ بصُحْبَةِ الصَّالِحينَ وتركُ اﻻقْتدَاءِ بِفعالِهِمْ، وإدْبَارُ الدُّنْيَا عَنْهُمْ وهُمْ يتبعونَهَا، وإقْبَالُ اﻵخرةِ عَليْهِمْ وهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهَا. |
بارك الله بشيخنا ونفعنا بعلمه. |