• ندوات مختلفة - الندوة 01
  • 2015-07-02
  • عمان

الزكاة والصدقة وسبل صرفها


مقدمة :
السلام عليكم، قال تعالى:

وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
[سورة المعارج: 24-25]

لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
[سورة البقرة: 272]

وقال سبحانه وتعالى:

الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
[سورة البقرة: 274]


المذيع :
أهلاً وسهلاً بكم أعزائي في حلقةٍ جديدة من سهرة الدار على قناتكم دار الإيمان، شرفتمونا وآنستمونا، سنكون معكم طيلة الساعة القادمة على الهواء مباشرةً إن شاء الله أنا وزميلي أحمد شويقي ، سوف نتحدث اليوم عن موضوع حلقتنا:" والصدقة برهان " الصدقة ما هي مصاريفها؟ وما هي أساليبها؟ وما هي؟ و ما إلى ذلك سوف أتعمق إن شاء الله مع ضيفينا الأستاذ الدكتور: بلال نور الدين، والمنشد محمد صبح، أهلاً وسهلاً بكم شرفتمونا، طبعاً محمد له مشاركات عديدة في الوطن العربي، وخارج الوطن العربي، مشاهدينا الكرام؛ مثلما تعرفون دائماً يوجد عندنا عدة فقرات في برنامجنا، الفقرة الأولى منا وفينا، الفقرة الثانية رمضان غيرني، الفقرة الثالثة وجهات نظر، ليتكم تتابعونا على صفحة الفيس بوك، و قناة دار الإيمان، وهناك سؤال ليتكم تعطون الجواب عنه، سيتم قراءته للدكتور بلال إن شاء الله، شاركوا معنا بجميع آرائكم إن شاء الله، وسوف نوجه أسئلة طيبة ومباركة، بداية نريد أن نطمئن على حال الدكتور كيف حالك؟ ما هي أخبارك؟

الدكتور بلال:
حياكم الله، نشكر الله، بألف نعمة من الله.

المذيع :
أهلاً وسهلاً، انتصف رمضان وأصبحنا في خمسين بالمئة من رمضان، أصبح الإنسان قلقاً بين الترحيب والوداع لهذا الشهر الكريم، فكيف كان الشهر معك؟

رمضان ضيف عزيز علينا استغلاله من بدايته :

الدكتور بلال:
و الله أنا أذكر قبل سنوات في دمشق كنت أخطب الجمعة على المنبر، كان الثاني من رمضان تقريباً، اليوم الثاني، أو الثالث من رمضان، كان يوم الجمعة، فبدأت الخطبة الثانية، قلت: ها هو رمضان يودعنا، كان اليوم الثاني من رمضان، وقد حلّ ضيفاًعزيزاً، وقد يعود وقد لا يعود، فالناس الحاضرون بدؤوا يستغربون، قالوا: هذا الشيخ أتى بخطبة قديمة هي خطبة آخر جمعة من رمضان ولم ينتبه، أو آثر عليه الصيام، ثم قلت: لأنه بدأ سينتهي، فإذا ودعناه وقد انتهى فلا فائدة، لذلك الأولى أن نودعه في بدايته حتى نعلم أنه كلما يأتي سوف يذهب، لذلك نحن الآن في منتصف رمضان، نسأل الله عز وجل القبول، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم.

المذيع :
رسالة وردتنا عبر صفحة الفيس بوك من السيدة تهاني أم عمار، تقول فيها: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تقبل الله منا ومنكم الطاعات، أود أن أستشيركم بموضوع يتعلق بالصدقة، أنا متزوجة منذ عشر سنوات، و زوجي بحمد الله وضعه المادي جيد جداً، وهو ينفق علينا بكرم، ولكنه لا يتصدق إلا نادراً، وخصوصاً في الفترة الأخيرة كلما طلبت منه أن يدفع صدقة، يقول لي: الأوضاع الاقتصادية تتردى يوماً بعد يوم، علينا أن نحرص على مالنا، والمثل يقول: خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود، وأنا أدفع الزكاة وهذا يكفي، طبعاً هنا التفريق بين الزكاة والصدقة، الصدقة شيء منفصل تماماً عن الزكاة، والسؤال: كيف أقنعه بأهمية الصدقات وخصوصاً في رمضان؟ وهل يجوز لي أن آخذ من ماله لأتصدق به من دون علمه؟ أفيدوني بارك الله بكم.

من أدى زكاة ماله برئ من الشح :

الدكتور بلال:
أخت أم عمار بارك الله بك، هذا حرص عظيم منها، وهذا مثال الزوجة الصالحة إن شاء الله، لكن نقول: ربنا عز وجل في القرآن قال:

وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
[سورة المعارج: 24-25]

وفي آيةٍ أُخرى قال:

وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
[سورة الذاريات: 19]

لا يوجد معلوم في المال إلا الزكاة
لا يوجد معلوم، قال المفسرون: في المال حق سوى الزكاة، الحق المعلوم هو اثنان ونصف بالمئة، هذا الزكاة، هذا إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول، وجبت فيه الزكاة، اثنان ونصف بالمئة، ربع العشر، لكن قال في آيةٍ أُخرى: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ﴾ دون كلمة معلوم، ﴿لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾، فقالوا: هذا حق الصدقة، وهو حق سوى الزكاة، ما دام يؤدي زكاة ماله فقد برئ من الشُح، كما جاء في الحديث:

{ برئ من الشح من أدى زكاة ماله }

[أخرجه الطبراني عن جابر بن عبد الله ]

فالحمد لله تعالى أنه يؤدي زكاة ماله، وكثيرٌمن الناس - نسأل الله العافية - لا يؤدون زكاة المال، فهو يؤدي الفريضة وهذا شيء جيد، حاولي بالحكمة، بالحوار، بالموعظة، أن تذكريه بالله عز وجل، وبحق الصدقة، وما إلى ذلك، أما أن تأخُذي من جيبه دون علمه فهذا لا يجوز قطعاً، حتى لو كان للزكاة فكيف للصدقة؟

المذيع :
حتى ولو كان يحرمها من مصروفها الشخصي؟

حالة واحدة تأخذ فيها المرأة من مال زوجها دون علمه :

الدكتور بلال:
حالة واحدة للمرأة أن تأخذ من مال زوجها
حالة واحدة أجاز بها الفقهاء استناداً إلى الحديث الشريف، أجازوا فيها أن تأخذ المرأة من مال زوجها دون علمه إذا جاعت، أو احتاجت إلى مقومات الحياة الأساسية، أي غذاء، دواء، كساء، إذا كان بخيلاً لا ينفق عليها، ولا على أولاده، هذه الحالة الوحيدة تأخذ حقها بالمعروف، أما سوى ذلك فلا يجوز أبداً أن تأخذ المرأة من زوجها بغير علمه، حتى ولو كان للزكاة، والعكس صحيح حتى الزوج لا يجوز، المرأة مستقلةٌ بمالها، لها أن تتصدق به بالمعروف طبعاً، ضمن شرع الله عز وجل، يوجد استقلالية كاملة، لكن أن تأخذي من غير أذنه فهذا لا يجوز حتى ولو كان زكاة، فكيف إذا كان صدقة؟ الحمد لله أنه يؤدي زكاة ماله، و أنت بالمعروف، بالحسنى، بالكلمة الطيبة، أسمعيه كلاماً طيباً لأحد العلماء بطريقة غير مباشرة من تأثير أهله عليه، وهكذا.

المذيع :
الحديث الذي يقول:

{ دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ }

[ أخرجه الطبراني عبد الله بن مسعود ]

كيف يمكن للإنسان أن يداوي مرضاه بالصدقة؟ كيف للصدقة أصلاً أن يكون لها تأثير على المريض؟

تأثير الصدقة على المريض :

الدكتور بلال:
الصدقة تقع في يد الرحمن قبل يد الفقير
حقيقة أن الصدقة تقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد الفقير، والسيدة عائشة رضي الله عنها كانت إذا دفعت الصدقة تُطيبها، ولم تُطيبينها؟ قالت: إني سمعت أنها تقع في يد الرحمن، وأحب أن تقع صدقتي مطيبة في يد الرحمن، وهذا مفهوم عظيم للصدقة، فالصدقة تداوي المرض بطريقة غير موجودة في الآلة الحاسبة، ولا موجودة عند الأطباء، ولا في المشافي، هذا قانون إلهي، من يؤمن بالغيب يعلم أنه إذا دفع صدقة لفقير ينوي بها شفاء أهله، شفاء زوجه، شفاء ولده، فالله عز وجل بهذه النية، أمر متعلق بالنية فقط، أي هذا غير خاضع لقوانين الأرض، هذا خاضع لقوانين السماء، يدفع صدقةً يرتجي بها مرضاة الله عز وجل فيكافئه الله بأن يشفي له عليلاً، هذا أمر واقع، له أمثلة كثيرة في حياتنا، كثير من الناس يدفع صدقة على هذه النية فيجد شفاءً، دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقة، صدق رسول الله.

المذيع :
محمد صبح كيف حالك؟ نريد أن تسمعنا شيئاً،

محمد الصبح:
سوف أسمعكم شيئاً لرمضان، لأننا في أجواء رمضانية، وقفة إنشادية مع المنشد محمد الصبح…

المذيع :
محمد، صوتك جميل جداً شكراً لك، والآن ننتقل إلى الدكتور بلال، يقول: النبي صلى الله عليه وسلم:

{ الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا }

[ رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري ]

ما المقصود بقوله: والصدقة برهان؟ برهان على ماذا؟ من الناحية المحاسبية أم من الناحية الدينية؟ بارك الله بكم.

الصدقة برهانٌ على محبة العبد لربه :

الدكتور بلال:
البرهان هو أول شعاع الشمس
في الحقيقة الحديث في الأربعين النووية، اختاره الإمام النووي من أربعين حديثاً لأنه من جوامع الكلم، أو حديث رواه أبو مالك الأشعري رضي الله عنه كما في صحيح مسلم، الصدقة برهان، البرهان في اللغة العربية في الأصل هو الضوء الذي يلي الشيء، أي أول شعاع الشمس يسمى برهاناً، أي لا أحد يستطيع أن ينكر أن هذا برهان الشمس، الشمس برهان، هذا هو البرهان في أصل اللغة العربية، كلمة برهان جاءت من الضوء الذي يلي شعاع الشمس فوراً، أي قريب جداً من هنا جاءت كلمة برهان في الأصل، والعرب يقولون: كشمس في رابعة النهار، أي لا ينكر الأمر، فالصدقة برهان، برهان على أمور عدة، والمطلق على برهانه، برهانٌ على محبة العبد لربه.
الآن الصلاة، قال: صلى الله عليه وسلم: " الصلاة نور "، نورٌ يضيء للإنسان طريقه، لكن لو أراد أن يبرهن على محبته لله فينبغي أن يدفع من ماله، برهانٌ على محبة العبد لربه، وبرهان على صدق إيمان الإنسان لأنه يؤمن بالغيب، الله عز وجل يقول:

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
[سورة سبأ: 39]

عندما تنفق فسيعوضك الله
أي سوف يأتي، أنت ستدفعه وهو سوف يعود، إذا كنت مؤمناً بذلك فينبغي أن تفعل، يخلفه أي يعوضه، الإنسان عندما يقدم هدية مثلاً أنت في العيد ذهبت لتقدم هدية لشخص، يهمك أمران، حقيقة كل إنسان، هذه فطرة، أن يعلم أن هذه الهدية منك، وأنت ترجو أن يردها لك، هذان الأمران، الله عز وجل طمأنك في القرآن: إن الله يعلمه وسوف يخلفه، فما دمت تعلم أن الله يعلم أنك أنفقت، وما دمت تعلم أن الذي أنفقت من أجله سيعوضك في الدنيا أو في الآخرة، قد يعوضك سكينةً في قلبك تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وقد يعوضك مالاً بعشرة أضعاف وأزيد، فلا بد من أن يعوضك، هذا أمر واقع، يروى عن أحد الأئمة أنه تبرع بجبته، لم يجد للفقير ما يعطيه فأعطاه الجبة، وفي اليوم الثاني جاء أحدهم قال: جاءت فلان بهدية، فأعطاه مجموعة جبب فعدها فوجدها تسع، فقال له: يوجد جبة ناقصة أين هي؟ فقال له: أنا أخذتها ولبستها، هم يجب أن يكونوا عشر.

المذيع :
الإنسان عندما يكون واضحاً مع ربه سبحانه وتعالى، و يصدق معه، تجد الأدلة أصبحت مالية محسوسة وملموسة ومعدودة أيضاً.

الدكتور بلال:
طبعاً وهذا ضمن الصدقة برهان، أيضاً من معاني الصدقة برهان أن الله عز وجل كيف يبرهن لك على أنني أخلفه، تصدق وانظر، الصدقة برهان تبرهن بها على محبتك لربك، وتبرهن بها على صدق إيمانك، ويبرهن الله لك من خلالها على أنه يعوضك، وعلى أنه يعطيك، الصدقة برهان صدق رسول الله.

المذيع :
ربما يكون برهاناً أن الدين الإسلامي هو دين صحيح من خلال المردود الذي تراه من الصدقة.

تأويل كلام الله هو وقوع الوعد و الوعيد :

الدكتور بلال:
هذا تأويل لكلام الله.

بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ
[سورة يونس: 39]

قال العلماء: تأويله وقوع الوعد والوعيد، ما تأويل القرآن؟ تأويله أنه قال لك:

وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
[سورة طه: 124]

إذاً لا سمح الله ولا قدر أعرض عن ذكر الله ستجد المعيشة الضنك، فهذا تأويل كلام الله، أنفق فيأتيك عشرة أضعاف، هذا تأويل كلام الله، بل كذبوا به، ولما يأتهم تأويله.
*** وقفة مع أنشودة لمحمد الصبح ***

المذيع :
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، جمعنا الله واياكم عند الحوض الشريف، ونشرب من يده شربة ماءٍ لا نظمأ بعدها أبداً.
حياكم الله وأهلاً وسهلاً بكم من جديد مشاهدينا الكرام في سهرة اليوم، سهرة الدار مع الضيوف الأكارم، الدكتور: بلال نور الدين، والمنشد محمد الصبح، حياكم الله وأهلاً وسهلاً بكم من جديد.
***
مشاهدينا الكرام؛ وصلنا إلى فقرة رمضان غيرني، وأول سؤال للدكتور في هذه الفقرة، دكتور تكثر هذه الأيام إعلانات التبرع، والدعوة لمساعدة المحتاجين، ومنها ما يظهر المحتاج وهو يأخذ المال، كثيراً ما شاهدنا مثلاً يكون هنالك طفل صغير، يضعون في فمه علبة الحليب، ويكتبون اسم الجمعية، ويحملون النقود بيدهم ويصورون، هل هذه من آداب التبرع والتصدق؟

آداب التبرع و التصدق :

الدكتور بلال:
جزاك الله خيراً على هذا السؤال، الحقيقة في كتاب الله تعالى آيةٌ فصلٌ في هذا الموضوع، هذا وحي، قال تعالى :

إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
[سورة البقرة: 271]

قالوا: ﴿ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ كأن الآية إشارة إلى أن هناك نوعين لإنفاق المال؛ الصدقة والزكاة، النوع الأول إبداء الصدقة، كيف؟ نحن في مجلس عام بحفل خيري لجمع التبرعات بشكل عام للجمعية الفلانية، دون الفقراء، دون تصوير للفقراء بعينهم، ﴿ إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ يقول الأول: أنا أدفع ألفاً، يقول الثاني: أنا أدفع ألفين، يكون فيها منافسة، يقول الثالث: أنا أدفع ثلاثة آلاف.

المذيع :
لكن هذا الموقف جداً دقيق وأحياناً ممكن أن يقلب رياء، صحيح؟

الدكتور بلال:
هذه الآن بقيت نية بين الإنسان وربه.

المذيع :
ولكن هي في القرآن ﴿ إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾

الدكتور بلال:
هذه عندما يكون فيها تشجيع على التنافس بالخيرات، لكن تتمة الآية قال: ﴿وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ﴾، عندما يكون هناك فقير ينبغي أن تخفي الصدقة، لأنك تجرح مشاعره، حتى كان بعض السلف الصالح إذا أراد أن يعطي الفقير يعطيه المال هكذا، حتى لا تكون يد الفقير هي العليا لا يعطيه بشكل واضح، يقول له: خذ المال ويده العليا، الفقير لا يحتاج مالاً فقط يحتاج أن يشعر بأن المجتمع يحبه، بأنه معتبر في المجتمع، ليس الموضوع موضوع مال فقط، فالفقير:

{ إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ }

[أخرجه أبو يعلى وابن أبي شيبة عن أبي هريرة ]

الفقير لا يحتاج مالاً فقط
الموضوع ليس مال فقط ، الموضوع أعمق من المال، لذلك أن نظهر الصدقات بهذا الشكل الذي تفضل به الأستاذ الكريم، وفي التصوير، ونحن نعطي هذا الفقير ونجرح شعوره من أجل أن نعطيه المال، يا أخي لا تعطه ولا تجرح شعوره.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
[سورة البقرة: 264]


المذيع :
خصوصاً بحالة الزكاة أنت تعطيه حقه، بالعكس يجب أن تشكره لأنه منك.

الزكاة تطهر نفس الغني من الشّح و الفقير من الحقد :

الدكتور بلال:
هذا مفهوم عظيم جزاك الله خير، وأنفقوا من مال الله الذي آتاكم، المال مال الله وأنت مستخلفٌ عليه، أنت لم تعطه شيئاً هو لك، تعطه شيئاً هو له ومن حقه، جزاك الله خيراً، هذا مفهوم جميل جداً، وأنا أريد أن أعُقب الله تعالى يقول:

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
[سورة التوبة: 103]

الزكاة تطهر الغني من الشح
تطهرهم، تطهر ماذا؟ تطهر نفس الغني من الشح لأنه إن لم يدفع الزكاة فنفسه مدنسة بالشح، والشح مرض خطير جداً:

وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
[سورة الحشر: 9]

و تطهر نفس الفقير من الحقد على المجتمع الذي نسيه وأهمله ولم يعطه حقوقه، وتطهر المال من تعلق حق الغير به، حق الغير بالمال، كيف تزكي المال؟ الزكاة هي النماء، في المصطلحات القانونية ضريبة من الضرب، في المصطلح الإسلامي زكاة من النماء، تنمي نفس الغني لأنه يشعر بعمله أمام الله، يقدم شيئاً لله، وتنمي نفس الفقير لأنه يشعر أن المجتمع لم يتخلّ عنه، وتنمي المال بطريقتين: طريقة محاسبية؛ لأنك عندما تدفع المال للفقراء تزيد القوة الشرائية في المجتمع، فيعود المال لك، دورة شرائية وبطريقة غير موجودة في الآلة الحاسبة، لا يوجد زر اسمه: البركة في الآلة الحاسبة تكبسه يخرج، هذه الطريقة ينمي المال بها الله جل جلاله.

المذيع :
هناك بعض الناس يأتون ويطلبون صدقات بشكل غير مهذب، ولا يوجد عندهم ذوق في الطلب، وصياح، ومشاجرات، ومشاكل، وهذا حقي وليس حقك، وهذه النقود لي وليست لك، كيف تعطون فلاناً ولم تعطوني؟ فكيف يمكن أن نصل إلى العالم ونقول لهم بأن هذه أرزاق؟ وطلب الصدقة من الناس لا يكون بالمشاكل، كيف يمكن أن نوجه لهم رسالة سريعة أنه على مهلكم قليلاً؟

المؤمن عفيف يتعفف عن سؤال الناس :

الدكتور بلال:
المؤمن يتعفف عن السؤال
صاحب الحاجة أرعن، لكن المؤمن عفيف، والله تعالى في القرآن الكريم امتدح هؤلاء الذين قال فيهم:

لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
[سورة البقرة: 273]

يتعففون عن المسألة، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تحل المسألة إلا لثلاثة:

{ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ }

[أحمد عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ]

لذي فقرٍ مدقع، الدابة عندما تلتصق بالأرض لم تعد تجد شيئاً تأكله، هذه تكون دابة مدقعة، ناقة مدقعة، فقر مدقع، أي فقر شديد، لم يجد ما يأخذه، هذا يحق له أن يذهب ويقول لهم: يا أخي أعطوني، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أي عليه دين كبير لا يطيق سداده، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ، هناك دية ينبغي أن يدفعها.

المذيع :
مثلاً الدجاجة عندما يكون عندها صغار تمشي من فوقهم وتخاف عليهم، فكيف الإنسان؟ الحيوان يكون رحيماً بأولاده، فكيف هذا الإنسان المسكين الذي يرى ابنه يموت أمامه ولا يعرف ماذا يفعل؟

الدكتور بلال:
هذا ذو فقر مدقع.

المذيع :
ممكن أن تصبح أطباعه يوجد بها نوع من السوء مثلاً.

الدكتور بلال:
أنظر إلى صاحب الذنب، لا تنظر إلى الذنب
طبعاً ، لذلك ينبغي نحن أو من منّ الله عليه بمال، أو بأي شخص جاءه سائل أن ينظر إلى حاله، لا أن ينظر إلى ذنبه، انظر إلى صاحب الذنب، لا تنظر إلى الذنب، أي هو قد يثور، وقد يتكلم كلاماً لا يليق بالجمعية الخيرية، وكذا، نحن نقول له: لا تفعل كما أسلفنا، واصبر وتصبر بالإيمان، لكن عندما يكون له حاجة فقد يتصرف تصرفاً غير مسؤول يريد أن يحقق حاجته، والإنسان من النسيان.

المذيع :
أخ محمد، الآن في رمضان ترى الناس القنوات التلفزيونية كيف تتعامل مع رمضان بطريقة الموسم، أي حتى من ناحية الصدقة والتبرعات لا نريد للمشاهد أن يتبرع عند غيرنا، أعطنا دعنا نكسبك، ويستقطبون دعاة يقفون أمام الكاميرا ويقولون: تبرعوا لهذه المستشفى وما إلى ذلك.
الدكتور محمد راتب النابلسي: بسم الله الرحمن الرحيم، نبارك لقناة دار الإيمان انطلاقتها في الدعوة إلى الله، وحرصها على تعريف الناس بحقيقة هذا الدين الذي هو قوام حياتنا، وسبب نصرنا، وتألقنا، و سبب ارتقائنا إلى ما ينبغي أن نكون عليه، محبكم محمد راتب النابلسي.

آراء الناس حول إعطاء المتسولين أم لا :

المذيع :
أهلاً وسهلاً بكم في آخر فقرة من فقرات برنامجكم سهرة الدار، وصلنا معكم إلى التي دائماً نسمع منكم، وتكونون أنتم من تقدمون هذا البرنامج، فقرة وجهات نظر، هذه الفقرة نطرح بها سؤالاً، ونجمع بها آراءكم، ونرى أيضاً ماذا يوجد لديكم من أسئلة تخص نفس الموضوع الذي هو الصدقة برهان.
سؤال هذه الحلقة كان: هل أنت مع أم ضد إعطاء المتسولين بغض النظر عن التحقق من صدقهم؟ يوجد هنالك كثير من الإجابات على هذا المنشور في مواقع التواصل الاجتماعي، نأخذ منها إجابة من ظلال البري تقول: لا يجب أن نرد سائلاً وخاصةً في هذه الظروف والأحوال السيئة التي يمر بها الإنسان، وبغض النظر إذا كان هذا المتسول محتاجاً أم لا، فقط أنوها زكاة تطهر بها أموالك ولك الأجر والثواب، بارك الله بك أختي ظلال.
إجابة عائشة الطرايرة: من وجهة نظري لا يجبرك على المر إلا الأمر منه، لهذا ليس خطأ أن تعطي السائل شيئاً يسيراً استناداً لقوله تعالى:

وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ
[سورة الضحى: 10]

طبعاً تكلمنا عن هذا الموضوع، فإن كان يستحقها فالله فرج عليه، ويسر أمره، وإن كان لا يستحقها فهذا شيءٌ بينه وبين الله، ولكن المهم نيتك، نية الأجر والثواب، وتفريج الهم، ومساعدة أهلك بالله، بارك الله بك أخت عائشة، في نفس الوقت يوجد هناك أناس يتكلمون وجهة النظر الثانية مثلاً زهراء تقول: السلام عليكم أنا من وجهة نظري علينا التحقق قبل التصدق بأموالنا، لأننا أظن أن الله عز وجل قد أوضح في كتابه العزيز فيمن تجوز فيهم الصدقة، وذلك في سورة البقرة:

لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
[سورة البقرة: 273]

أرجو من شيخنا الفاضل أن يفسر لنا أكثر هذه الآية حتى نتبين لمن تجوز صدقات أموالنا، و نسأل الله أن يتقبل منا و منكم.
الموضوع تطرقنا له قليلاً و سنرجع إليه إن شاء الله.
أيضاً يقول صلاح رستم: يجب التحقق من أوضاعهم المعيشية بزيارةٍ لبيتهم، و معاينة لأمورهم، و من ثم نقرر حسب الوضع.
عندي سؤال للدكتور من رامي يقول: كيف ندفع الصدقات ونحن لا نعلم إن كان المال يصل للمستحقين أم لا؟ يقدمون لنا فيديوهات و صوراً و يعطونا إيصالات كيف نثق بهم؟ هذا سؤال مهم جداً.

الأقربون أولى بالمعروف :

الدكتور بلال:
الأقربون أولى بالمعروف
جميل جداً، أولاً: الصدقة الأصل فيها أن تبحث أنت عن الفقير و تعطيه إياها، إن استطعت ذلك فهذا أولى، أبناء أخيك، أبناء أختك، أولاد عمومتك، الإنسان حوله أناس كثر لا توكل أحداً في الصدقة إن كنت تستطيع أنت أن تدفعها إلى الأقربين فالأقربون أولى بالمعروف، و النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ أربعة دنانير، دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك }

[ رواه مسلم ]

أصل الصدقة أن تبحث عن الفقير و تعطيه
الأصل أن تتقصى عن الفقير، و تدفع له، الآن إذا قلت أنت: و الله لا أجد محتاجاً في عائلتنا، والعائلة جيدة كلها، و الأقربون أخذوا ما يستحقون، وعندي فائض زكاة، ابحث عن جمعيةٍ تثق بها، هناك جمعيات موثوقة معروفة و كثيرة، خذ وصلاً، وهناك جهات رسمية في كثير من البلدان و لله الحمد تتابع إجراءات الجمعيات، أي ينفق المال و يوضع في مكانه.
أنا شخصياً عندما أحب أن أتبرع أو ينصحني أحد أقول له: جمعية كذا هذه مضمونة أعرفها، فكل شخص يعرف جمعيات أنه فيها بمجلس الإدارة فلان ثقة أمين، و ما أكثرها و لله الحمد. فإما أن تدفع بنفسك و هذا هو الأصل، و أن تكون للأقربين، قال الفقهاء: بالمناسبة الأقربون أولى بالمعروف، قالوا: الأقربون إلى الإيمان، و الأقربون إلى الدار، و الأقربون بالنسب.

المذيع :
هذا بالترتيب أم بشكل عام؟

الدكتور بلال:
لا، بشكل عام، عندك قريب في النسب مؤمن، و قريب في النسب لا يصلي، أعط قريب النسب المؤمن لأنه أقرب إلى الإيمان، و أقرب إلى النسب.
عندك جار قريب، قريب نسب، و عندك جار قريب ولكنه بعيد في النسب، أعط للجار القريب النسب، مكانياً و نسبياً و إيمانياً.

المذيع :
دكتور سؤال على عجالة، الأخت هيام تقول: هل يجوز للزوجة إذا كانت ميسورة الحال أن تعطي الزكاة أو الصدقة لزوجها الفقير بحكم أن الزوجة ليست مسؤولة على الإنفاق على زوجها و أولادها؟

جواز إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها :

الدكتور بلال:
و الله يوجد رأيان فقهيان حتى لا أحد يأخذ عليّ، و لكن أنا من أنصار أنه يجوز أن تعطي لزوجها خاصةً إذا كان لدين و ليس إنفاقاً مباشراً على الأكل و الشرب، و لو كان للأكل والشرب يجوز، و لكن عنده ديون، زوجها أولى بغيره و هي ليست مسؤولة في الإنفاق عليه، فيجوز أن تعطيه من زكاة مالها.

المذيع :
دكتور قد يسأل السائل: الصدقة لديها شروط، سمعت أنه يجنب عند إخراج المال أن تنوي بأنه للصدقة، على سبيل المثال عندما نكون في المطعم والحساب خمسة عشر ديناراً، وضعنا المبلغ و زاد ثلاثة دنانير، اعتبرناهم صدقة مثلاً، أنا أعرف أنه يجب أن يعود المال إلى أصحابه ثم يخرجونه بنية الصدقة، فهل هذا صحيح أم لا؟ و ما هي شروط الصدقة؟

التمييز بين الزكاة و الصدقة :

الدكتور بلال:
الصدقة أوسع من الزكاة
أولاً: يجب أن نميز بين الزكاة التي هي اثنان ونصف في المئة وبين الصدقة، بالنسبة للزكاة عندما تعطيها للفقير ينبغي أن تخرجها بنية الزكاة و لو في قلبك، بعض الناس يقول: هذه زكاة مالي، لا، قل له: هذه هدية، و أنت انو بها الزكاة، أمر الصدقة أوسع بكثير، لو تركتها له بغير أن تنوي ، أي قلت: هذا إنسان يعمل في المطعم فأنا أبقيت له الدنانير، و لم تنو له شيئاً فخرجت وقلت: عسى الله أن يكتب لي الأجر، لا مانع.

المذيع :
حتى بحال دينت شخصاً المال كدين و لم يستطع هذا الشخص أن يعيد المال لك فقلت: سأنوي بها صدقة؟

ضرورة اقتران الزكاة بالنية :

الدكتور بلال:
صدقة يجوز. في الحديث الشريف هذه صدقة مضاعفة لأنك أقرضته المال ثم تصدقت به عليه، أما الزكاة فلا يجوز، لأن الزكاة ينبغي أن ترافق نية الزكاة أثناء الدفع.
وقفة مع أنشودة لمحمد الصبح……

المذيع :
تعليق من الأخ إيهاب: يجب ألا نشجعهم على التسول، وعدم إعطائهم وإجبارهم، و نصحهم بالعمل طالما أنه قادر على التسول فإنه يستطيع العمل، و بخصوص الصدقة فهناك ناس بحاجة أكثر من المتسولين، و أنا أرى أن المحتاج لا يتسول فهو عزيز النفس لقوله تعالى:

لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
[سورة البقرة: 273]

و أيضاً هناك تعليق من الأخ راتب: أنا أرى ألا نعطي المتسولين الموجودين في الشوارع لكيلا نزيد من هذه الظاهرة التي أصبحت تجارة، و يرى الزوج جالساً في منزله و يرسل زوجته و أولاده للتسول، فهناك جمعيات معروفة ومرخصة للفقراء، و إن كان المتسول صادقاً فمن طبيعة الحال سيذهب وهو حافظ ماء وجهه، فما رأي الشيخ بهذا الكلام بارك الله بكم؟

النهي عن التشجيع على التسول :

الدكتور بلال:
من المهم أن لا نشجع الناس على التسول
أنا و الله أشجع الرأي، حقيقة من البداية أنا شخصياً أشجع الرأي ألا نشجع الناس على التسول، و النص واضح لا تحل المسألة، حتى هذا الرجل الذي جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ: اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ }

[أحمد عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ]

لا تحل المسألة إلا لثلاثة: فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أي شديد جداً،غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أي دين لا يستطيع سداده، دَمٍ مُوجِعٍ أي دفع دية القتيل، ولا يستطيع أن يدفع الدية، هذا فقط للسؤال، أما أن أي إنسان يقف ويسأل ويترك العمل، ويترك كل شيء، فلا أشجعه أبداً، وإن كان هناك آراء أخرى مثلما تفضل الأخ محمد، أن يكون الشيء يسيراً جداً، لكن ليس للحالات مثل الأطفال، وتكون نيتك فيها الصدقة، أي إن وجدت حالة واضحة أنها لم تسأل إذا كانت محتاجة تقف على جانب الطريق وأعطيتها، أما هؤلاء الأطفال الذين تجدهم على إشارات المرور يركضون و يرتبطون بميليشيات ويجمعون المال فلا تشجعهم أبداً، ولكن أقول: يكتب الله لك الأجر على نيتك ولكن لا تدعُ لتشجيعهم أبداً.

المذيع :
دكتور يوجد لدينا سؤال من الأخت رانيا، معنى السؤال أنه يوجد عدة أنواع للصدقات، وتريد أن تعرف ما هو الفرق بينهم؟ و ما معنى الصدقة الجارية وفرقها عن الصدقة العادية؟ وهل الصدقة عن والدها المتوفى تصل له أم لا؟

مساعدة الفقراء و المهجرين من بلادهم :
الدكتور بلال:
هذه الحالة تندرج تحت الفقر المدقع، والله هناك أُناس يعيشون في أماكن نسأل الله العافية والسلامة، وهم محتاجون، فهذا إذا سأل نقول: نسأل الله أن يوصلنا إليه لنعطيه ونحن نتمنى ذلك، فهذا يسأل فقد يجد في الأقارب من يقف بجانبه، خير له من أن يتكفف الناس أعطوه أو منعوه، إن وجد جمعيات خيرية هناك جمعيات ولله الحمد بهذا البلد الطيب، وفي بلاد أُخرى تُعنى بأمور المهجرين، فإن سأل الجمعية أفضل، وإن سأل الأقارب أفضل وأفضل، وأن يترك سؤال الناس بشكل عام في الشوارع إلى آخر شيء.

المذيع :
دكتور يوجد لدينا سؤال من الأخت رانيا، معنى السؤال أنه يوجد عدة أنواع للصدقات، وتريد أن تعرف ما هو الفرق بينهم؟ و ما معنى الصدقة الجارية وفرقها عن الصدقة العادية؟ وهل الصدقة عن والدها المتوفى تصل له أم لا؟

الفرق بين الصدقة الجارية و الصدقة العادية :
الدكتور بلال:
الصدقة الجارية يبقى نفعها بعد الموت
الصدقة الجارية كل صدقة يبقى نفعها بعد موت صاحبها، ترك مؤلفاً، ترك مسجداً، ترك ماءً، بئر ماء، ترك مدرسة، كل شيء يستمر نفعه بعد الموت فهو صدقة جارية، أما الصدقة العادية أعطيته مالاً فأكل به وانتهى الأمر، وكلاهما له الأجر، أما الصدقة الجارية فأجرها أعظم لأنها يستمر نفعها.

المذيع :
وهل الصدقة عن والدها تصل له أم لا، وهو متوف؟

أعمال الابن الصالحة صدقة جارية عن والده :
الدكتور بلال:
ما دام الابن أو البنت عن والدها أو والدتها نعم تصل، لأن عمل الابن في صحيفة والده، فقط الابن عن والده، أما نعممها، أي يكون الإنسان قد أساء في حياته وأكثر، ثم نتصدق عنه فهل يصله؟ الله أعلم، أما الابن عن والده فهذه ثابتة بالنصوص، أو ولد صالح يدعو له، فهذا الابن صدقة جارية، فهو عندما يتصدق يصل الثواب إلى والده.

خاتمة و توديع :

المذيع:
وصلنا إلى نهاية حلقتنا، أي أسئلة تخص حلقتنا راسلونا بها على بريد الصفحة، وكونوا دائماً بالقرب، سهرة دار سعيدة، والسلام عليكم.