أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه

  • خطبة جمعة
  • 2025-11-07
  • سورية - دمشق
  • مسجد عبد الغني النابلسي

أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه

يا ربنا لك الحمد، ملءَ السماوات والأرض، وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنى كل فقير، وعزّ كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومَفزَع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك، وكيف نضل في هُداك، وكيف نذل في عزك، وكيف نُضام في سلطانك، وكيف نخشى غيرك، والأمر كله إليك، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلته رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعِلم، ومن وحول الشهوات إلى جنَّات القربات، فجزاه الله عنّا خير ما جزى نبياً عن أمته.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذريِّة سيدنا محمدٍ، وسلِّم تسليماً كثيراً.

مقدمة:
وبعد أيُّها الإخوة الكرام: رُبما تَحاوَر رجُلان في مسألةٍ من المسائل، وكان لهما في المسألة الواحدة اتجاهان مختلفان، والسبب في هذا الاختلاف نقص المعلومات، بمعنى أنَّ معلومةً عند أحدهما لم تبلُغ الرجُل الآخر، وهذا الاختلاف الناتج عن نقص المعلومات أمرٌ طبيعي، هكذا هي الحياة.
ورُبما تَحاوَر آخران واختلفا في التوجه، مع أنهما يملكان المعلومة نفسها، ولكنهما اختلفا في فهم هذه المعلومة، فكلٌّ منهما فهِم المعلومة بطريقةٍ مختلفةٍ عن الآخر، وهذا أيضاً طبيعي، فنحن بشَر والبشَر قد يختلفون في مسائل، لكن لرُبما تجادل اثنان واختلفا وتنازعا، لا لإشكالٍ في المعلومات، فالمعلومة موجودةٌ عند كليهما وفهمها واضحٌ لا يخفى على أحد، ولكن الاختلاف كان لهوى النفس، وانتصاراً للذات، وتشبُّثاً برأي الجماعة التي ينتمي إليها، ويَدين لها بالولاء، وهذا هو غير الطبيعي، وغير الشرعي، وغير الموضوعي، أن نختلف انتصاراً لذاتنا، أو تشبُّثاً برأينا، أو رغبةً في إفحام الطرف الآخر، أو ولاءً لجماعتنا من دون منهج الله تعالى، هذا هو الاختلاف المذموم، الذي لا ينبغي أن يكون بين المسلمين، قال تعالى:

وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ(14)
(سورة الشورى)


الاختلاف المذموم لا ينبغي أن يكون بين المسلمين:
(وَمَا تَفَرَّقُوا) كانوا مجتمعين، (إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) لم يكن تفرقهم ناتجاً عن نقص المعلومات، بل الآن جاءت المعلومات، لم يكن تفرقهم ناتجاً عن نقص المعلومات، ولكنه ناتجٌ عن وجود المعلومات، عندما يأتي العِلم ينبغي أن نتجمَّع، عندما نقول قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينبغي أن نتجمَّع لا أن نتفرَّق، فالمعلومة تجمعنا، الاختلاف لعدم وجود المعلومة أمرٌ طبيعي، لكن أن يوجد العِلم والدين والهُدى والمنهج، ثم نتفرَّق أحزاباً وشيعاً، فهذا هو غير الشرعي، ولا الطبيعي، ولا الموضوعي، فبدلاً من أن يكون العِلم جامعاً لهؤلاء على الحق، أصبح صارفاً عن الحق والعياذ بالله، الآية مخيفة: (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ) لكن لم يأخذوا العِلم على أنه منهج الله فيتَّبعوه، قال: (مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) فأصبح التباغُض والتحاسُد والانتصار للذات، والرغبة في تحطيم الآخر، هو دَيدَن هؤلاء، بدلاً من أن يجمعهم العِلم فرَّقهم.
أيُّها الإخوة الكرام: قال تعالى:

كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (213)
(سورة البقرة)


لماذا أنزل الله الكتاب؟
لماذا أنزل الله الكتاب؟ قال: (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) فإن تنازعنا، رددنا الأمر إلى كتاب الله، فحكم كتاب الله بيننا (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) لقد أنزل الله الكتاب ليحكُم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فإذا كثيرٌ من أتباع الكتاب، بدلاً من أن يحكُم الكتاب فيما اختلفوا فيه، أصبحوا يختلفون فيما حكم الكتاب به، أنزل الله الكتاب ليحكُم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فإذا بعض المسلمين للأسف، جعلوا يختلفون فيما حكم الله تعالى به، وهذه مصيبة المصائب.
أيُّها الإخوة الكرام: عن عائشة أُمنا رضي الله عنها وأرضاها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتَتَح صلاته فقال: وانظروا إلى هذا الحديث العظيم، ولنتأدب جميعاً بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:

{ اللَّهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ أنتَ تحكُمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ اهدِني لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ تهدي من تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ }

(أخرجه مسلم)

مَن الذي يدعو؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اهدِني لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ تهدي من تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ) هذا الدعاء ينبغي أن يكون دَيدَنُنا، أن ندعو الله أن يهدينا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنه جلَّ جلاله.

أعظم تفرُّق يفتُّ في عَضُد الأُمة ويُفرِح أعداءها بها أن نتفرَّق في الدين:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ أعظم تفرُّق يفتُّ في عَضُد الأُمة ويوهنُها ويُفرِح أعداءها بها، أن نتفرَّق في الدين، قد نتفرَّق سياسياً فيرى كلٌّ رأيه في مسألةٍ سياسية، ممكن، طبعاً بعيداً عن مُمالأة الطُغاة والظالمين، هذا ظلمٌ في الدين، أتحدث عن رأيٍ سياسيٍ مُعيَّن، كلٌّ منهم يرى رأيه فيه، قد نتفرَّق على ذلك، قد نتفرَّق في الاقتصاد، فهناك أصحاب النظرية الاقتصادية الاشتراكية والرأسمالية، إلى آخره...
قد نتفرَّق في الاقتصاد، لكن أعظم فرقةٍ أن نتفرَّق في دين الله، لأنَّ الدين يجمعنا ونحن نتفرَّق فيه، هو جاء ليوحدنا، لنقف جميعاً إلى قِبلةٍ واحدة، ولنُصلّي معاً، ولنجتمع على الصلاة معاً، ولنركع معاً، ولنسجُد معاً، ولنحُج البيت فنطوف معاً، ولنسعى بين الصفا والمروة معاً، ولنصوم في وقتٍ واحد، ونُفطِر في وقتٍ واحد، في بلدٍ واحد، جاء الدين ليجمعنا، هدفٌ من أهداف الدين العظيم، أن يجمع الناس على الخير، على الحق، على الهُدى، فأعظم ما يمكن أن نفعله أن نتفرَّق في الدين، وأن نتحارب في دين الله تعالى.
أيُّها الإخوة الكرام: قال تعالى:

شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ(13)
(سورة الشورى)


ما الذي شرعه الله تعالى من الدين؟
ما الذي شرعه الله تعالى من الدين؟ أن نُقيم الدين وأن لا نتفرَّق فيه، إقامة الدين تحدَّثنا عنها في الخُطبة السابقة، عندما تحدَّثنا عن دين القيِّمة، أن نُقيم الدين منهجاً في حياتنا، أن نُقيم الدين حقيقةً، أن يكون الدين هو الباعث لنا على كل فعلٍ وكل ترك، أقيموا الدين، اجعلوه منهج حياة لا تجعلوه مُجرَّد اسمٍ تنتسبون إليه، أو آياتٍ تُزينون بها صدر بيوتكم أو محلاتكم التجارية، اجعلوا الدين منهج حياة (أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) إيّاكم أن تتفرقوا في الدين، هذا ما شرعه الله تعالى، قال تعالى:

وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153)
(سورة الأنعام)

قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهُم عن الاختلاف والفُرقة، وأخبرهم أنما أهلك من كان قبلهم، بالمِراء والخصومات في دين الله.
هَلَكَ مَن قبّلنا بجدالهم في المسائل الفرعية، وفي خوضهم في الأشياء الثانوية، وتركهم لجوهر الدين، هلكوا.

الدين الحق يجمع ولا يُفرِّق:
أيُّها الإخوة الكرام: متى نتفرَّق في دين الله؟ لماذا نتفرَّق في دين الله؟
أولاً: الدين الحق يجمع ولا يُفرِّق، الدين الحقّ الذي أنزله الله يستحيل أن يُفرِّقنا، لكن أخبرتكم في الخُطبة الماضية، أنَّ هناك ديناً وأنَّ هناك تديُّناً، التديُّن هو فهم الناس للدين، التديُّن المُشوَّه المغشوش قد يُفرِّقنا، لكن الدين الحق يدعو إلى الوحدة، إلى التآلف، إلى وحدة القلوب والمشاعر، فالدين لا يُفرِّق، ولكن التديُّن أحياناً، أو الدين ليس دين الحقّ الذي أنزله الله يُفرُّق، أمّا عندما يكون الدين بعيداً عن التعصُّب والأهواء والانتصار للذات، فلا يُفرِّق قال تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(159)
(سورة الأنعام)

والله هذا الوعيد وحده من الله، أن يأتي من الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ويقول له: (لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) لا هُم منك ولا أنت منهم، الذين يُفرِّقون دينهم ويجعلونه أحزاباً وجماعات ويتفرَّقون فيه، وكل فرقة تُهاجم الفرقة الأُخرى، قال: (لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) وعيد شديد.

لماذا يتفرَّق الناس في دين الله؟
أيُّها الإخوة الكرام: لماذا يتفرَّق الناس في دين الله؟

أولاً: نتفرَّق في دين الله عندما نُسمّي أنفسنا بأسماء جماعاتنا الضيَّقة:
أولاً: نتفرَّق في دين الله عندما نُسمّي أنفسنا بأسماء جماعاتنا الضيَّقة، ولا ننتمي إلى مجموع المؤمنين، لا نُسمّي أنفسنا بما سمّانا الله تعالى به، قال تعالى:

وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ(78)
(سورة الحج)

الله تعالى سمّانا مسلمين، ثم نلجأ إلى تسمياتٍ أُخرى ضيَّقة، فأقول: أنا أنتمي إلى الجماعة الفلانية، طبعاً انتماء تحزُّبٍ وضيق وليس بيان أنني أحضُر هُنا مثلاً، وإنما انتماء تضييق للواسع، أنا من جماعة فلان! أنت من جماعة المسلمين (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) فلماذا نرتضي لأنفسنا جماعاتٍ ضيَّقة وأحزابٍ ضيَّقة، ولا ننتمي إلى مجموع الأُمة، عندما نجعل الولاء للجماعة، فرأُيها هو الصواب ورأي غيرها هو الخطأ، عقيدتها هي السليمة، وغيرهم إن لم يكونوا على عقيدتهم فهُم في ضلالٍ مُبين، في أقل الأحوال، إن لم يكونوا في نار جهنم جميعاً، عندها نتفرق في دين الله.

ثانياً: نتفرَّق في دين الله عندما نتنازع ونتناحر في القضايا الفرعية:
ثانياً: نتفرَّق في دين الله عندما نتنازع ونتناحر في القضايا الفرعية، وننشغل عن أصول ديننا ومقاصده الكُبرى العظيمة، مكان النقاش أيُّها الكرام، في القضايا الشرعية التفصيلية، في العقيدة أو الفقه، مكانها ليس على الفيسبوك، مكانها في البوك، في الكتاب، الناس يضحكون علينا، الناس يشمتون بنا، أعداؤنا يتفرجون علينا ويضحكون! مكان النقاش في القضايا الفرعية والتفصيلية على البوك وليس في الفيسبوك، في الكُتب، يجتمع بعض طلاب العِلم، يجلسون بأدب العِلم وبأدب الاختلاف، ويقرؤون ويناقشون، مسلم اليوم يحتاج أن نُعلِّمه دينه، الطهارة، الصلاة.
والله هناك قُرى بعيدةٌ عنّا، الناس فيها يحتاجون أن يتعلموا قراءة الفاتحة، وهذا لا أقوله هكذا مُرسلاً، وإنما أقوله وقد رأيته بعيني، الناس يحتاجون أن نُعلِّمهم قراءة الفاتحة وأداء الصلاة، وكيفية الطهارة، وأن نُحبِّبهم بالله، وأن نُعرِّفهم على أسمائه الحُسنى، لا يحتاجون أن تُحدِّثهم عن العقيدة الأشعرية وعقيدة أهل الحديث والأثر، ما له ولها؟! سلهُ الآن أنت أشعري أو أثري؟ يقول لك: لا أعرف الأشعرية ولا الأثرية، ونحن نتنازع على الفيسبوك ونتقاتل، والناس ينتظرون منّا أن نتعاون وأن نتآلف.

ثالثاً: نتفرَّق في الدين عندما نعتقد ثم نستدل:
أيُّها الإخوة الكرام:
ثالثاً: نتفرَّق في الدين عندما نعتقد ثم نستدل، الأصل أيُّها الكرام أنَّ الإنسان يستدل ثم يعتقد، أي يقرأ الآية فيعتقد من خلالها، بعض المسلمين اليوم، قال له شيخه فلان الأمر الفلاني، وقد يكون شيخه أخطأ، وليس منّا معصوم، فهو يعتقد بهذا الأمر ثم يبحث عن دليلٍ له، هذا يُفرِّقنا في دين الله، نحن الأصل عندنا:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59)
(سورة النساء)

أي إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله، فنحن نحكُم بالدليل، لكن لا نعتقد ثم نستدل لاعتقادنا، الأصل هو كتاب الله، والأصل هو سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

في العالم الإسلامي اليوم ثلاث مدارس كُبرى لا نستطيع أن نلغي واحداً منها:
أيُّها الإخوة الأحباب: حتى أدخُل بشيءٍ من التفصيل، في العالم الإسلامي اليوم، ثلاث مدارس كُبرى شئنا أم أَبَينا، لا نستطيع أن نلغي واحداً منها، ثلاث مدارس كُبرى:

المدرسة الأولى تعتني بالتزكية:
المدرسة الأولى تعتني بالتزكية، يعني دَيدَنُها التزكية، تزكية النفس، النهوض بها إلى خالقها، تحبيبها بالله تعالى، هذا جُلّ عنايتها، لا يعني أنها تترك الأشياء الأُخرى، ولكن ينصرف جُلّ جهدها إلى تزكية النفس، هذه مدرسة.

المدرسة الثانية تعتني بالآثار:
المدرسة الثانية تعتني بالآثار، تأخذ النصوص وتعمل بها كما هي، هذا جُلّ عنايتها، بالحديث الصحيح، بفهم الآية وفق ما ورد من أقوالٍ عن الصحابة الكرام إلى آخر... وهذا أيضاً لا يعني أنها لا تعتني بالتزكية، ولكن هذا جُلّ اهتمامها، جُلّ اهتمامها أنها تعتني بالآثار.

المدرسة الثالثة هي المدرسة الحركية:
والمدرسة الثالثة هي المدرسة الحركية، التي تؤمن بأن الإسلام ينبغي أن نتحرك فيه، يعني عمل قرآني، عمل مسجدي، عمل للوصول إلى مفاصلٍ في الدولة، من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل، تؤمن بالحركة، الإسلام الحركي يُسمّونه، الإسلام واحد أيُّها الكرام، لكن نحن بحُكم سنواتٍ طويلة، أصبح الناس عموماً، منهم من ينتمي إلى مدرسة التزكية، ومنهم من ينتمي إلى مدرسة الأثر، ومنهم من ينتمي إلى مدرسة الحركة، العمل للإسلام وخدمة الإسلام، بغض النظر عن الأشياء الأُخرى، هذا هو الواقع، وهُنا ينشأ دائماً تناحر وتقاتل بين هذه المدارس الثلاثة للأسف الشديد، وأعداؤنا يتربصون بنا.

التزكية جزءٌ رئيسيٌ في ديننا بل إنها مُقدَّمةٌ على العِلم:
دعونا أيُّها الكرام نأخذ من التزكية التزكية المُنضبطة، اقرؤوا إن شئتم على سبيل المثال وليس الحصر، "مدارج السالكين في منازل إيّاك نعبُد وإيّاك نستعين" للإمام ابن القيِّم الجوزية، اقرؤوا هذا الكتاب في التزكية، تجد انضباط عجيب في التزكية والوصول إلى الله، منزلة الإخلاص، منزلة الحُب، منزلة الفتوُّة، منزلة الغُربة في دين الله تعالى، يُزكّي نفسك، ينهض بها إلى الله، التزكية المُنضبطة البعيدة عن الشَطط والغلوّ والخُرافات والإشكالات التي تُفرِّق ولا تجمَع، تزكية مُنضبطة نحن بحاجتها، هل هناك مسلمٌ اليوم يُنكِر التزكية؟ التزكية جزءٌ رئيسيٌ في ديننا، بل إنها مُقدَّمةٌ على العِلم، لمّا دعا إبراهيم ربّه:

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(129)
(سورة البقرة)

جعلها بعد العِلم، فلمّا أجابه الله تعالى قال:

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(164)
(سورة آل عمران)

فلمّا أجابه قدَّم التزكية على العِلم، وكأنه يقول له يا إبراهيم التزكية أولاً.

قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا(9)
(سورة الشمس)

لأن التزكية تطهُر النفس بها، وترقى إلى خالقها، ثم يأتي العِلم فيُصب صبَّاً في قلبٍ تقيٍ نقيٍ قريبٍ من الله.

ما جاء عن الله ورسوله من الحديث الصحيح هو الأساس وهو مُقدَّمٌ على كل رأيٍ وكل اجتهاد:
ودعونا نأخذ من مدرسة الأثر أننا نلتزم دائماً بالنصوص الصحيحة، ولا نتكلف أحياناً في تأويلها وشدّها إلى هُنا وهناك، وإنَّما ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، من الحديث الصحيح فهو الأساس، وهو مُقدَّمٌ على كل رأيٍ وكل اجتهادٍ وكل نقاش.

إذا تحركنا يجب أن نتحرك حركة مدروسة واعية كحركة رسول الله في الهجرة:
ودعونا نأخذ من المدرسة الحركية العمل لخدمة الإسلام المُنضبط، الذي لا يؤدّي إلى كوارث وإلى دمار، من أجل تصرفاتٍ فردية، ربما تكون ليست من شرع الله تعالى، يعني نتحرك لكن حركة مدروسة واعية، كحركة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، حركة مدروسة واعية للتغيير نحو الأفضل، لكن ليست حركةً عشوائية تؤدّي إلى العودة بنا إلى الوراء، فكل مدرسةٍ فيها ما نأخذه، فنتعاون جميعاً على هذا المُتَّفق عليه، ونأخذ من كل مدرسة، أنت لن تستطيع اليوم، أن تُقنع رجُلاً له مذهب عقدي مُعيَّن، أنا شخصياً بمسيرتي الدعوية المتواضعة جداً، لا أعلم أنَّ نقاشاً قاد إلى أن ينجرَّ أحد الطرفين إلى الطرف الآخر، للأسف، كل إنسان مُتشبِّث، دعه، أنت الأمر الذي استقرَّ عندك أنه الحق أنت ملزم باتباعه، أنت وجدته الحق أنت ملزمٌ باتباعه، لكن هو له مدرسةٌ أُخرى انصح له إن كنت تعرفه، إذا كان هناك شذوذٌ واضح، خروجٌ عن المنهج واضح، لا خلاف فيه على أنه غلط، فانصح له بهدوء، لكن لا يؤدّي ذلك إلى التنازع بيننا، فوحدة الصف مُقدَّمة اليوم.

لنبتعد من كل مدرسةٍ عن الأشياء التي تُفرِّق:
أيُّها الإخوة الكرام: ولنبتعد بعد ذلك من كل مدرسةٍ عن الأشياء التي تُفرِّق، دعها بينك وبين نفسك، لنبتعد عن الشَطَط والخُرافات والأشياء التي تُفرِّقنا ولا تجمعنا، ولنبتعد عن الغِلظة والقسوة في الدعوة إلى الله، ومواجهة الآخر بقوةٍ وكأنه كافرٌ أمامك، وهو مسلمٌ يشهد أنَّ لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، ولنبتعد أيضاً عن حركةٍ ظاهرها خيرٌ للأمة، ولكن قد يكون فيها في المآل تراجعٌ ودمارٌ للأُمة.
أيُّها الإخوة الكرام: يقول صلى الله عليه وسلم:

{ ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ ثمَّ تلا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ هذهِ الآيةَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ }

(أخرجه الترمذي وابن ماجه)

الهدف الجدال فقط، الهدف أن أنتصر لذاتي أو لشيخي وأملأ وسائل التواصل بالعبارات التي تزيد المشكلة، وتُعظمها، وتُفاقمها، ولا تحلُّها أبداً.

حماية سُمعة الصف الإسلامي أَولى من خلافاتنا الضيِّقة:
حماية سُمعة الصف الإسلامي أيُّها الكرام، أَولى من خلافاتنا الضيِّقة، حتى لو وجدت أنَّ الحقّ معك، وقلت لكم الإنسان يجد أنَّ الحقّ هُنا، ويتَّبِعه وهو مأجورٌ على ذلك، لكن حتى لو وجدت أنَّ الحقَّ معك فاتَّبعته، لكن لا ننشُر هذه الخلافات على وسائل التواصل، أنا لا أُنكِر وجودها، لكن لا أنشُرها على وسائل التواصل، ونتقاذف التُّهم ونتبادل، وقد رأيت ذلك بعيني وسمعته بأُذُني، نتبادل السُباب والشتائم وأنت مسلمٌ وهو مسلم.
النبي صلى الله عليه وسلم لمّا كُشف أمر عبد الله بن أُبي بن سلول، وهو زعيم المنافقين وكُشف أمره واستحقَّ العقاب، جاءه بعض أصحابه، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: نقتل عبد الله بن أُبي، حتى جاءه ابنه وقال له: إن شئت قتلته أنا حتى لا أنظُر إلى قاتل والدي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيح:

{ كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ الأنْصَارِيُّ: يا لَلأَنْصَارِ، وَقالَ المُهَاجِرِيُّ: يا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ؟ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ: دَعُوهَا، فإنَّهَا مُنْتِنَةٌ فَسَمِعَهَا عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ فَقالَ: قدْ فَعَلُوهَا، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ. قالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هذا المُنَافِقِ، فَقالَ: دَعْهُ، لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ }

(صحيح مسلم)

لا أقتله لأنَّ الناس سيقولون محمداً يقتل أصحابه، وستُشوّه سُمعة الصف الإسلامي، ولن يدخُل الناس في دين الله، لأنهم يرونه ديناً يقتُل الناس الذين هُم معه، الناس لا يعرفونه منافقاً، لا يعرفون أنه عبثَ ضمن الصف الإسلامي، يعلَمونه رجُلاً من أصحاب رسول الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم حمى سُمعة الصف الإسلامي، حمى المجتمع المسلم، ونحن واجبنا اليوم أن نحمي سُمعة ديننا (لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) لا يتحدث الناس أننا مُتفرِّقون مُتنازعون، لا يتحدث الناس أنَّ اختراقنا سهل، لا يتحدث الناس أنَّ النَيل منّا أصبح وشيكاً جداً، لا يتحدث الناس أنَّ العقيدة تُفرِّق الناس ولا تجمعهم، يقولون: هذه هي العقيدة، تجتمعون على دين الله، انظروا كيف تتناحرون! لا يتحدث الناس أنَّ الدين لا يصلُح منهج حياة، فلننتبه إلى أقوالنا وأفعالنا، فإننا مؤاخذون عن كل كلمةٍ نقولها، أو نكتبها، أو ننشرها، الدين يجمعنا ولا يُفرِّقنا، وتديُننا المغشوش أو المُشوَّه هو الذي لا يصلُح منهج حياة، أمّا ديننا كما أنزله الله تعالى فهو منهج حياةٍ يشمل كل تفاصيل حياتنا (أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ).
أيُّها الإخوة الكرام: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن تُوزن عليكم، واعلموا أنَّ مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيِّس من دان نفسه وعمل لِمَا بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني، واستغفروا الله.
الحمد لله ربِّ العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، اللهم صلِّ على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد.

الدعاء:
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميعٌ قريبٌ مجيبٌ للدعوات.
اللهم برحمتك عُمَّنا، واكفنا اللهم شرَّ ما أهمنا وأغمَّنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسُنَّة توفَّنا، نلقاك وأنت راضٍ عنّا، لا إله إلا أنت سبحانك إنَّا كنّا من الظالمين، وأنت أرحم الراحمين.
وارزقنا اللهم حُسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنّا، أنت حسبنا عليك اتكالنا.
اللهم إنَّا نسألك الجنَّة وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل، ونعوذ بكَ من النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل.
اللهم فارِج الهم كاشف الغم، مُجيب دعاء المُضطرين، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، أنت ترحمنا، ارحمنا برحمةٍ من عندك تُغنِنا بها عمَّن سواك.
اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تُعذبنا فإنك علينا قادر، والطُف بنا وبجميع المسلمين فيما جرت به التقادير، ودبِّر لنا فإننا لا نُحسِن التدبير.
اللهم يا أرحم الراحمين، كُن للمسلمين في السودان وفي غزَّة وفي كل مكانٍ يُذكر فيه اسمك عوناً ومعيناً، وناصراً وحافظاً ومؤيداً وأميناً.
اللهم عليك بمَن تآمر عليهم، اللهم عليك بمَن كادهم، اللهم قد أريتنا مكرهم بنا، فأرِنا مكرك بهم وأنت خير الماكرين.
اللهم مُجري السحاب، مُنزِل الكتاب، هازِم الأحزاب، سريع الحساب، اهزِم الصهاينة المُعتدين ومَن والاهم ومَن أيَّدَهم ومن وقف معهم في سرٍّ أو علن.
واصرف عن بلادنا كيدهم وتأمرهم يا أرحم الراحمين، وهيئ لبلادنا أمر رُشد يُعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل عصيانك، ويؤمَر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، ووفِّق القائمين عليه لما فيه مرضاتك، وللعمل بكتابك وبسُنَّة نبيك صلى الله عليه وسلم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله، والحمد لله ربّ العالمين.