خمسة أخطار تهدد البيوت وجب الحذر منها

  • محاضرة في الأردن - مركز رواد الخير للعلوم الإسلامية
  • 2022-01-13
  • عمان
  • الأردن

خمسة أخطار تهدد البيوت وجب الحذر منها

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و أُصَلِّي و أُسَلِّمُ على نبينا الأمين، وعلى آله و أصحابه أجمعين، اللهم عَلِّمنا ما يَنفعُنا، و انفَعنا بما عَلَّمتَنا، وزِدنا عِلماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.


أخطار تهدد بيتنا علينا الحذر منها:
أيتها الأخوات الكريمات؛ أيها الأخوة الأفاضل؛ عنوان لقائنا اليوم: "خمسة أخطار تهدد بيوتنا فاحذروها".
الأسرة المسلمة نواة المجتمع الصالح
لا شك أن البيت المسلم، والأسرة المسلمة من أولويات ما أمر الإسلام بالحفاظ عليه، ذلك أن الأسرة المسلمة نواة المجتمع الصالح، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، ولا أبتعد عن الحقيقة إن قلت: إن صلحت المرأة صلحت الأسرة، وإن صلحت الأسرة صلح المجتمع، فالمرأة هي أساس البيت، بل هي عماده، بل هي الركن الركين فيه، وصدق الشاعر إذ قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
{ حافظ ابراهيم }
أيتها الأخوات الكريمات؛ أيها الأخوة الأفاضل؛ كي نحافظ على بيوتنا ونحميها من كل سوء يجب أن ندافع عنها من كل خطر يمكن أن يصل إليها، هذه خمسة أخطار تهدد بيتنا فلنحذرها.

1 ـ دخول الأقارب من غير المحارم على المرأة في غياب زوجها:
الأب راعٍ في بيته والمرأة راعية في بيت زوجها
كما قلت لكم: الأب راعٍ في بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها، بسذاجة أحياناً، أو بجهل أحياناً أخرى، أو بثقة ليست في محلها أحياناً ثالثة، إما سذاجة، أو جهل، أو ثقة، يقول: أنا واثق من فلان، لكن هذه الثقة ليس هنا محلها، لا أقصد أن من تثق به ليس محلاً للثقة، بل ليس هذا مكان الثقة، بثقة ليست بمحلها، لهذه الأسباب الثلاث الزوج أحياناً يسمح أو يأذن لزوجته أن تستقبل أقاربه في غيابه، هي زوجة جديدة، أو عندها ولد صغير بالعمر، ربما يكون عمره أشهراً، أو سنة، أو سنتين، يسمح لها باستقبال أخيه، عمه، خاله، هؤلاء أقارب الزوج، يقول: هؤلاء أقاربي، وهم ثقات، وأنا أثق بهم كثيراً، لا يمكن لأحدهم أن يفكر للحظة بسوء، أو بنية سيئة تجاه زوجتي، فيسمح بدخول بيته لأقاربه في غيابه، يقول: والله جاء أخي لا يوجد مشكلة ليدخل ويرتاح، عمله قريب أراد أن يرتاح بالبيت، والله أخي طالب هو ساكن بمدينة أخرى يأتي أحياناً إلى المدينة التي أسكن أنا بها، هذا يصلني يومياً من هذه الأحداث للأسف، فلا يوجد مشكلة أن يبيت عندي بالبيت، أنا بالعمل، لست موجوداً، يأتي ويدخل على زوجتي، ينام، يخرج، يأكل، يقعد مع زوجتي، عمي، خالي، مثل والدها، هؤلاء كبار بالعمر مثلاً، هذا ما نسمعه يومياً، أنا لا أنطلق من فراغ بهذا اللقاء، وإنما أنطلق بحكم أنني من فضل الله عليّ في الدعوة إلى الله أسمع مشكلات الناس سواء بشكل مباشر، أو عبر الإيميلات، والفتاوى التي تصلني، فأجد أشياء يشيب لها الرأس، ولا أسمح لنفسي بذكرها لأنها تخدش الحياء والذوق العام، لكن أتحدث بالعموم، هناك مشكلة اليوم، الزوج يعتبر أنه إذا تزوج امرأة أن أقاربه كلهم أصبحوا وكأنهم محارم للزوجة، وهذا غير صحيح، أي ليس صحيحاً من جهة الشرع، ولا من جهة الواقع، الواقع يشير إلى أن الرجل إذا خلا بامرأة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال: خطبنا عمر بالجابية، فقال: يا أيُّهَا الناسُ إِني قُمتُ فيكم كَمقَامِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فينا قال: أُوصِيكُم بأصْحَابي، ثُمَّ الذينَ يَلونَهم، [ ثم الذين يَلُونهم، ثم يفْشُو الكذبُ حتى يَحْلِفَ الرَّجُلُ ولا يُسْتَحْلَفُ، ويَشهدَ الشاهدُ، ولا يُسْتَشهدُ، أَلا لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إِلا كانَ ثالثَهُمَاالشيطانُ، عليكم بالجماعةِ، وإِيَّاكُم والفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشيطانَ مع الواحد، وهو من الاثنين أبعدُ، مَنْ أَراد بُحْبُوحَةَ الجنة فليلزم الجماعةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حسنتُه، وسَاءَتْه سَيِّئَتُه: فذلكم المؤمنُ }

أخرجه الترمذي

ما قال: كافر بكافرة، ولا مؤمن بكافرة، ولا كافر بمؤمنة، ولا رجل كبير بامرأة صغيرة، ولا كبير بكبيرة، قال (رجل بامرأة) القضية قضية شيء أودعه الله في النفس، فليس هنا مجال لتقول: والله أخي ثقة، مستحيل يفكر بزوجتي، هو ثقة، ولا يُتهم، لكن ليس صحيحاً أن يدخل في غيابك إلى البيت، هذا ليس صحيحاً، ما الدليل؟ الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري يقول:

{ عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: إِيِّاكُم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصارِ: أَفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال: الحَمْوُ الموتُ }

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي]

هذا تحذير باللغة العربية، هذا تحذير أن تقول: إياك أن تفعل، تحذره من شيء، شيء مهم لولا أنه مهم لما حذرت منه، فتقول: إياك أن تقترب من التيار الكهربائي، إياك، فهنا تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (إِيِّاكُم والدخولَ على النساء) لا تدخلوا على النساء.
موطن الشاهد، قال رجل من الأنصار: (أَفرأيتَ الحَمْوَ؟) أي القريب، أي هذا فلان أخو الزوج، عم الزوج، خال الزوج، الحمو؛ هو القريب، هو من أقارب الزوج (أَفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال: الحَمْوُ: الموتُ) أي تحذير أشد، أي لا تتساهلوا بقضية الأقارب، الغريب لن يدخل البيت.
عفواً؛ بائع الغاز لا يتخيل أصلاً أو يفكر أن يدخل على المرأة في غياب زوجها، ولا هي ترضى بذلك، تقول له: تفضل ادخل؟! لا يوجد أي مبرر، أما أخو زوجي فتفضل، بغياب زوجها، هذا أخو الزوج، فقال: (قال: الحَمْوُ: الموتُ) ما معنى الحمو الموت؟ قال العلماء في تفسير هذه العبارة الجامعة المانعة من جوامعه صلى الله عليه وسلم (الحَمْوُ: الموتُ) قال: لأن في دخوله هلاك الدين، أي هنا الموت، لأن الإنسان يكره الموت، فما هو الأشد من الموت؟ أن يهلك دين الإنسان، لأن الدين سعادة الأبد، أو شقوة الأبد، فقال: (الحَمْوُ: الموتُ) لأن في دخوله هلاك الدين، أي احذروا الخلوة بالمرأة كما تحذرون الموت.
يوجد تفسير آخر قال: (الحَمْوُ: الموتُ) بمعنى فليمت الحمو ولا يخلُ بالأجنبية، لو مات لكن لا يقبل أن يخلو، مهما كانت الظروف، للدلالة إلى أهمية هذا الأمر.
لذلك أقول: هذا خطر من الأخطار التي تهدد بيوتنا، قضية الخلوة ينبغي الانتباه لها، الزوجة المسلمة، المؤمنة، الصالحة، لا يتصور، ولا يتخيل أن تخلو برجل غريب، أجنبي عنها، لا يوجد في بيوت المسلمين من يطرق الباب مثلاً والمرأة وحدها بالبيت، هو صديق زوجها تقول له: تفضل ريثما يأتي، هذا أمر مرفوض، تقول له: غير موجود، الأمر انتهى، وهو لا يقبل أن يدخل، لكن متى يحصل التساهل وتحصل المشكلة؟ أقول لكم مرة ثانية: والله أنا لا أنطلق من فراغ، وإنما أنطلق من وقائع سيئة جداً، أنزه مجلسنا عن ذكر تفاصيلها.
الخلوة بالأجنبية خطر يهدد بيوتنا
فقضية الأقارب، أقارب الزوج، وقريبات الزوجة، حتى نكون متعادلين بالكلام، أيضاً قريبات الزوجة من باب آخر، ومن باب أولى، أيضاً الزوج لا يقول: هذه أخت زوجتي، أدخل إلى بيت حماي والله عمي ليس موجوداً، ولا امرأة عمي، أخت زوجتي موجودة، سأدخل وأجلس معها وأباسطها الكلام، لا يجوز، وكم من مصيبة حصلت بسبب هذا الأمر، وكم من طلاق حصل، لا يجوز الجمع بين الأختين فيذهب ويطلق زوجته، ثم يتزوج أختها، ويصبح شقاق بالعائلة، ونزاع، وغيرة، وحسد، وكم من فاحشة وقعت، أيضاً الزوج لا ينبغي أن يخلو بقريبات زوجته، أنت تزوجت امرأة هذه المرأة وأمها وجدتها مهما علت، هؤلاء محارم، كما يقول شرع الله عز وجل، أما أختها، لا، بنت عمها، لا، بنت خالها، لا، هؤلاء النساء ما زلن أجنبيات عنك، تعاملهن كما تعامل المرأة الأجنبية، ضمن الضوابط الشرعية.
وأنت أيتها الزوجة تزوجت زوجاً هو وأبوه وجده مهما علوا هؤلاء أصبحوا من محارمك، الزوج ووالده وجده، أما أخوه فلا علاقة لك به، عمه ليس لك علاقة به، خاله ليس لك علاقة به، إلا بضوابط الشرع، هو رجل أجنبي عنك، كبير بالعمر والله أعده مثل خالي، لا، ليس مثل خالك، خالك محرم لك، خاله ليس محرماً لك، كبير، صغير، لا، لا يوجد خلوة بالأجنبية، فهذا خطر يهدد بيوتنا فينبغي أن ننتبه له.

2 ـ الاختلاط المحرم غير المنضبط:
خمسة أخطار تهدد بيوتنا فلنحذرها، أولاً: دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في غياب زوجها.
الأمر الثاني أعم من الأول: الاختلاط غير المنضبط، الاختلاط المحرم، غير المنضبط، الآن لا يوجد دخول، زوجها موجود، انتقلنا من نقطة إلى نقطة ثانية، هذه ضوابط شرعية ربما أكثر الأخوات الموجودات عندنا، ربما يقلن: هذه من بدهيات المرأة المسلمة، أعلم ذلك، ولكن عندما نفصلها ونتحدث بها، كل منكن لها موقع، لها مكان يأتيها من يسألها، تشاهد ظواهر سلبية حتى نعرف الحكم الشرعي فيما نقول.
الاختلاط غير منضبط بالضوابط الشرعية
الآن لم يدخل، ولم يخلُ بها، لكن هناك اختلاط غير منضبط، اختلاط محرم، جلسة مباسطة، المرأة تقول: أنا أضع حجابي، لكن لباسها ضيق، نُكات، وضحك، والرجل ينظر إلى أخت زوجته، وأقاربها، وهي تنظر، وجالسة مع أخيه بجلسة، الاختلاط غير منضبط بالضوابط الشرعية، نعم هناك اختلاط بمجلس فيه نساء ورجال، وهناك محاضرة عامة، ممكن، أحياناً المرأة تذهب إلى مدرسة ابنها، تتكلم مع معلم ابنها، لا يوجد أي مشكلة، ضمن ضوابط الشرع تتكلم معه بموضوع محدد واضح، لا نقول: هذا لا يصح، أحياناً المرأة تخالط الرجال لكن بلباسها المحتشم، بكلامها الذي لا يوجد فيه خضوع بالقول، بحدود أدب الحديث، إلى آخره، لكن أحياناً جلسات عائلية مختلطة، سمر إلى منتصف الليل، كلام خارج الحدود، مزاح أحياناً لا ينبغي أن يقوله الإنسان مع أصدقائه الشباب، فكيف أمام أخت زوجته؟ يمزح مع زوجته بكلام غير منضبط، فهذه الألفة الزائدة بمعنى أننا نحن هكذا تربينا، ونحن عائلة واحدة، إلى آخره، هذا أحياناً يصل إلى طامة كبرى، ولا أحد يقول: هو مريض، نحن لا ننظر لبعض نظرة وكأنها أختي، الموضوع ليس كذلك، الموضوع أعمق من ذلك، الموضوع أن هناك شيئاً بالنفس، هو جيد، وربما هي صالحة، لكن لا ينبغي أن نضع النار أمام البنزين، ونقول: دعونا نحافظ، ولا يصير اشتعال، يجب أن تكون جلساتنا منضبطة بضوابط الشرع، لا يكون فيها خضوع بالقول عند المرأة، ولا تباسط من الرجل، ولا حديث مع النساء الأخريات غير زوجته، اشتقنا لكم، كيف صحتكم؟ لبسك جميل جداً، من أين اشتريته؟ جميل جداً عليك، عفواً منكم، لكنني أوضح لكم ماذا يحصل أحياناً، بسذاجة، أو بجهل، أو بسوء نية، فهذا أيضاً خطر يهدد البيوت.
طبعاً الله تعالى خاطب نساء الصحابة، قال:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (53)
[ سورة الأحزاب ]

قد يقول قائل: هذا لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، نعم، هذا الخطاب خاص أو هو لنساء النبي لكن إذا كان الله تعالى يخاطب الصحابة يقول لهم: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) فمن باب أولى أن يخاطبنا نحن، فيقول: اجعلوا ضوابط في التعامل مع القريبات، ويخاطب النساء اجعلن ضوابط بالتعامل مع الأقرباء، وحتى ضوابط التعامل مع العمل أحياناً، أحياناً المرأة تعمل بمكان مع الرجل تحتاج إلى ضوابط بالتعامل، يجب أن يكون لباسها منضبطاً، حركتها منضبطة، كلامها منضبطاً، وهو ينبغي أن ينضبط في حركاته، ولباسه، وكلامه، إلى آخره، لأن الاختلاط أحياناً يؤدي بعد حين للتساهل بالحجاب الشرعي، خضوع النساء بالقول، خضوع الرجال بالقول، ثم تحصل مشكلات زوجية لا حصر لها، كما قلت لكم أنا بغنى عن ذكر تفاصيلها.

3 ـ الشاشة:
الخطر الأول: هو دخول الأقارب غير المحارم، من أقارب المرأة أو الزوج على الزوجة في غياب زوجها.
والثاني: الاختلاط المحرم.
الخطر الثالث هو الشاشة غير المنضبطة
والثالث: الشاشة، الخطر الثالث من الأخطار التي أريد الحديث عنها الشاشة غير المنضبطة أقصد الشاشة هنا شاشة التلفاز، وشاشة الآيباد، وشاشة الهاتف، وكل شاشة يُعرض عليها شيء، الشاشة غير المنضبطة خطر يهدد بيوتنا، اليوم لا يوجد بيت إلا وفيه شاشة، ولا نستطيع أن نلغيها، أنا الآن أحدثكم عبر شاشة من الشاشات، هذا واقع اليوم أصبح معاشاً، ربما قبل، ربما لو ألقيت هذه المحاضرة قبل عشرين سنة لقلت: أخي إن استطعتم ألا تدخلوا الشاشة إلى البيت هذا أفضل، أحدثكم مثلاً عن تجربة شخصية، أنا نشأت في بيت في دمشق لم يكن فيه شاشة، أيام التلفاز، القناة الأولى، والثانية، ثم صار عندنا صحن فضائي، طبعاً كان هناك هواتف لكن لا يوجد شاشة، شاشة تلفاز لا يوجد عندنا في البيت، والحمد لله كان هذا أحد الأمور التي دفعتنا للدراسة أكثر، لكن هذا كان ممكناً سابقاً، اليوم هذا الكلام أصبح خلف ظهورنا، اليوم الشاشة موجودة بيد الولد، شئنا أم أبينا، وبيد المرأة، وبيد الزوج، وجرّ من ذلك من الويلات ما جرّ، من النواحي الدينية، أو الاجتماعية، أو النفسية، أو حتى صحتنا، وصحة عيوننا، وعموم البلوى، أصبحت طامة لا بد منها، فأنا لا أقول أن نتخلى عن الشاشة في البيت لأن ذلك لم يعد ممكناً، لكن ألا نستطيع أن نضبط الشاشة؟ ينبغي أن نضبطها، في البيت فتحت شاشة التلفاز فكان هناك أغنية ماجنة، والأب ينظر، والأم لا ترى أن هذه مشكلة، والأولاد تعلموا من أمهم أنه لا يوجد مشكلة بالنظر، الأب والأم يشاهدان التلفاز ظهرت مشاهد مخلة بالآداب، لم يغيرا القناة لقناة أخرى معنى هذا أن الأمر يسير، فتساهل الولد في أن النظر إذاً لا يوجد فيه مشكلة المنظر الذي ظهر على الشاشة خطأ كبير، والنساء - نسأل الله السلامة - عورات ظاهرة، ورغم ذلك الأب والأم يتابعان، معنى هذا ماذا فهم هذا الولد؟ ما الرسالة التي وصلته؟ الرسالة التي وصلته باختصار هذا الأمر متاح لا يوجد مشكلة.
الابن في غرفته بيده الجوال مدة ساعة أو ساعتين، الأم لا تتفقده أبداً، لم نفتح الباب عليه، ماما ماذا تتابع؟ أرني ماذا تشاهد؟ يجب أن ترى ماذا يتابع على الشاشة، لا أحد يتفقده، هو تمادى أكثر وأكثر.
البنت عملت صفحة على الفيس بوك، وعندها أصدقاء وصديقات، وتعمل شات، والأم لم يخطر على بالها أن تعرف صديقات ابنتها، عليها أن تقول لها: انتبهي ماما قد يرسلون لك من حسابات وهمية، دينك، عفتك، طهارتك، إلى آخره، أنا أتكلم عن نماذج، نماذج واقعية في حياتنا، ومجتمعاتنا، أنا واحد منكم، أنا عندي بيت، وعندي نفس المشكلات، وأحاول قدر الإمكان، وكلنا أصبحنا في الهم سواء، لكن الإنسان لا ينبغي أن يتساهل بالموضوع، إذا كانت الشاشة مفتوحة في البيت أربعاً وعشرين ساعة، وكل واحد شاشته بيده، لا أحد يعرف ماذا يحدث، لكن يتفاجأ بعد ذلك بمشكلة، يتفاجأ أن الابن تعلم عادة سيئة، يتفاجأ أنه تواصل مع أشخاص من شرق الأرض وغربها سيئون جداً.
ينبغي أن ننتبه إلى قضية الشاشة على اختلاف أنواعها
فاليوم ينبغي أن ننتبه إلى قضية الشاشة، شاشة الحاسوب، شاشة التلفاز، شاشة الأجهزة الذكية، لا سيما عبر شبكة الانترنيت المفتوحة، والفضاء المفتوح.
اليوم نحن بحاجة ماسة إلى التحصين الداخلي، غير المراقبة، المراقبة مطلوبة، لأن الابن يحتاج إلى مراقبة بلطف، لكن بحاجة أيضاً إلى التحصين الداخلي.
نحن عندنا حديقة حيوان أعزكم الله تقليدية، لعلكم جميعاً زرتم حدائق الحيوان التقليدية، حديقة الحيوان التقليدية وحوش توضع في الأقفاص، والزوار طلقاء، فيمرون وينظرون إليها، يكون بينك وبين النمر أو الأسد عشرة سنتيمتر، لكن هو لا يستطيع الوصول إليك، أنت آمن لأنه مربوط، محاط بالشباك، فتنظر إليه وتتعرف عليه، إلى آخره، هذه حديقة حيوان تقليدية، حديقة الحيوان الإفريقية هذه أنا ما زرتها، وأعتقد أن كثيراً من المتابعين لم يزوروها، هكذا وصفت لي، اليوم يوجد حدائق حيوان إفريقية الوحوش طلقاء، أي يجعلونك تعيش جو الغابة، الأسد والنمر طلقاء، يضعون الزائر ضمن سيارة مصفحة زجاجية، ويدخل في ممر مخصص، وينظر إلى الحيوانات، فالحيوانات طليقة، وقد تهجم على السيارة لكن الزجاج مصفح، فيعيش تجربة مختلفة في أنه يرى الوحوش وهي تتعايش مع بعضها وتتعارك، وهو بالسيارة المصفحة.
ما سبب ضرب المثال؟ سابقاً كانت حديقة الحيوان تقليدية، أي الشهوات مكبلة، والزوار طلقاء، الناس طلقاء، إذا لم يذهب هو إلى الشهوة لا تأتي هي لعنده، أتكلم وليس العهد بعيداً أنا لست كبيراً في السن كثيراً، لكن يوم نشأت، نحن يوم كنا صغاراً، إذا أراد الابن أو الشخص أن يصل للشيء السيئ، يحتاج إلى بذل جهد كبير، ليس موجوداً، يريد أن يصل له، لا يوجد على الهاتف ولا حتى على التلفاز، لا يوجد غير قناتين، السوء مغطى، كان الوضع أسهل، اليوم حديقة حيوان إفريقية الشهوات مستعرة، وأنت إن لم تحصن نفسه التهمتك الشهوات.
فقضية التحصين مهمة جداً، التحصين الداخلي، دائماً نخوف الولد من الله، نخوف أنفسنا من الله نحن لا نأمن على أنفسنا، قبل أن أقول نأمن على أولادنا، الزوج يخوف نفسه من الله ألا يتابع شيئاً لا يرضي الله، أو أن يتواصل مع من لا تحل له تواصلاً غير التواصل الطبيعي ضمن الحدود المشروعة، والمرأة كذلك، الأولاد نحصنهم ونذكرهم بالله، ونخوفهم بالله، نبين لهم الخطأ، نحدد لهم الصواب، لا نترك للناس ليعلموهم، بل نعلمهم نحن، إذاً قضية الشاشة ينبغي أن تضبط، وأهم شيء يبقى عند الأولاد الأب والأم قدوة، لا ينبغي للأب أو الأم أن يهونوا في عيون أبنائهم، لا يوجد مشكلة الشاشة مفتوحة وظهرت علاقة آثمة بين رجل وامرأة، وهو يتابع معهم، لا يوجد مشكلة، أو أغنية فيما يسمى فيديو كليب، أو فيديو كلاب العفو منكم، وهو يتابع والوضع سيئ جداً، يقول هذا الولد: بابا يتابع، إذاً لا يوجد مشكلة، هذا أمر ينبغي أن ننتبه إليه.

4 ـ المصورة:
خمسة أخطار تهدد بيوتنا فاحذروها: دخول الأقارب من غير المحارم على الزوجة في غياب زوجها.
والاختلاط غير المنضبط.
والشاشة غير المنضبطة.
الخطر الرابع وهي المصورة أي الكاميرا
رابعاً: المصورة، المصورة؛ هي الكاميرا، في اللغة العربية عربوها، ليست المرأة المصورة، وإنما هي الكاميرا، هي خطر، أخذوا الصورة وهي بغير حجابها، وبغير لباسها المحتشم، واحتفظ بها بجواله، واحتفظت بها بجوالها، ذهبت لبيت فلان، ولبيت علان، تركت الجوال، فتحوا الجوال اطّلع عليها من لا يجوز أن يطلع سُرق الجوال، وسحبت الصور منه، محيت الصورة رجعت مرة ثانية أي مازالت موجودة، أحضروا برنامجاً خاصاً يسترجع الصور المحذوفة، هذا واقع، وليس من نسج الخيال، هذه واقعية يعرفها أهل الاختصاص.
إذاً المصورة اليوم، أولاً نريد أن نصور العرس، والمرأة بأبهى زينة، صوروا العرس، لكن يوجد نساء كاسيات عاريات، أداروا الكاميرا على الحضور، في المساء جلست مع زوجها لترى العرس، هذه أختي، أختك لا يجوز أن يراها زوجك، هذا عرسنا نحن، الزوج يحق له، هو يحق له زوجته لكن لا يحق له أن يرى المدعوات وهن بأبهى زينة، كم خربت المصورة من بيوت؟! كم فعلت من أفاعيل؟! فاليوم أنا لا أسمح بالبيت بالمصورة بشكل عشوائي، أننا نجلس بجلسة ونصور فيديو ونحن نضحك، هذا مقطع الفيديو أين بقي؟
هاتف الولد، هذا الولد الشاب في اليوم الثاني جالس مع أصدقائه فتح الجوال، تركه، أخذه رفيقه، وما أكثر الفضوليين، وفتحه وتصفح به، ظهرت له صورة، بكبسة زر أرسل هذه الصور لعنده، صارت عنده، في اليوم الثاني تفاجأ صارت الصورة على مئة جوال وعلى الكروبات، هذه وقائع حاصلة.
فالمرأة إذا استطاعت ألا يكون لها صورة على الجوال هذا الأصل، فإذا كان لا بد فضمن اللباس الشرعي، لا تترك صوراً، حتى الصور التي بالبيت المطبوعة توضع بمكان آمن، أي تجهد المرأة ألا يكون لها صور في الجوالات، يمكن أن يضيع بأي لحظة، يمكن أن يقع بيد إنسان لا يخاف من الله فيبتزها به، وصار هذا الأمر مراراً، ممكن على الفوتوشوب يزيلون رأس المرأة ويضعونه على جسد عار، على جسد آخر، وحصل ذلك من فترة وجيزة في مصر، هذه آخر جريمة، وانتحرت البنت نسأل الله أن يغفر لها وأن يرحمها لما لاقت، لأن المنتحر لا يحكم عليه بالكفر، الله أعلم بحاله، لكن طبعاً الانتحار ذنب عظيم عند الله.
على كل حال بحفلات الأعراس، والقعدات، والله أنا أعتذر لا أستطيع أن أتصور صورة على جوالك، جوالك بين يد أولادك، وأمام زوجك، وغالباً بيتنا نحن تكون الزوجة فاتحة جوالها لزوجها، يأخذه ويتصفح به، وتظهر له صديقاتها، هذا لا يصح، أنا لا يحق لي النظر إلى هؤلاء، وهي متزينة، وجالسة بحفلة، إذاً الانتباه إلى المصورة مهم جداً لأنه خطر أصبح يهدد أمن بيوتنا واستقرارها، فينبغي أن ننتبه إليه.

5 ـ العنف:
خمسة أخطار تهدد بيوتنا فاحذروها: دخول الأقارب من غير المحارم على الزوجة في غياب زوجها.
الاختلاط غير المنضبط.
الشاشة غير المنضبطة.
الكاميرا، المصورة.
وأخيراً: العنف، من الأخطار التي تهدد بيوتنا العنف، كيف؟ لماذا خصصت العنف تحديداً؟ اليوم يوجد في بيوتات بعض المسلمين عنف شديد غير مبرر، والعنف كله غير مبرر، أصلاً لا يوجد عنف مبرر وعنف غير مبرر، أقصد العنف ضد الرفق، النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ عن عائشة رضي الله عنها إِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيء إِلا زَانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إِلا شانَهُ، قال: ركبتْ عائشةُ بعيرا، وكانت فيه صُعوبة فجعلت تُرَدِّدُهُ، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: عليكِ بالرِّفق، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ' إِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العنفِ، وما لا يُعطي على مَا سِواهُ }

[أخرجه مسلم وأبو داود ]

لا يوجد عنف مبرر وعنف غير مبرر
أي جعله مشيناً، العنف يدين كل شيء، والرفق يزين كل شيء، والعنف يشين كل شيء، فالأب ينبغي أن يكون رفيقاً في بيته مع زوجته، ومع أولاده، أما الأولاد إذا كانوا يعيشون في جو فيه عنف والله مشكلة، مثلاً الأب انزعج من شيء ضرب على الطاولة كسرها، صاح، سمع صياحه كل من يسكن في البناء، من أجل أن الطعام بحاجة إلى الملح، الزوجة لأن أولادها بالبيت أزعجوها، شاغبوا زيادة تصرخ عليهم بأعلى صوتها، وتدعو عليهم بالويل والثبور، العنف انتقل للأبناء، والولد صار يضرب أخته، والأخت تغيظ أخاها، وإذا كان هناك قطة بالبيت صاروا يضربون القطة أيضاً، انتقل العنف للحيوانات، كل إنسان صار ينقل العنف للجهة الأضعف، الزوج رأى أنه قوي عنف الزوجة، الزوجة لا تستطيع أن تعنف الزوج عنفت الأولاد، الأولاد الكبير منهم عنف الصغير، الصغير صار يعنف القطة، يراها بالطريق يركلها بقدمه، الفكرة مضحكة لكنها كذلك، يصير كل إنسان يريد أن يمارس العنف الذي مورس عليه، كما قالوا: العنف لا يلد إلى العنف، حتى بالمجتمعات الكبيرة الآن ما يحصل في بلدان العالم، العنف لم يولد إلا العنف، أعطوني مشكلة بالعالم العربي، أو الإسلامي، أو العالم كله حلها العنف، يصير مظاهرات يطلقون النار عليهم، العنف لا يولد إلا العنف، أي إنسان يتخيل أنه يحل مشكلة بالعنف يكون واهماً، لا أقول الحزم، الحزم مطلوب، أي الأب إذا حزم بمسألة، وعاقب ضمن الحدود، أما أقصد العنف، العنف من العنف، أنه أضربه أصرخ، ولكن هذا لا يحل المشكلة، ما حلّ العنف مشكلة، بينما الرفق يحل كل المشكلات، الرفق، الأناة.

{ إِنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيء إِلا زَانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إِلا شانَهُ، قال: ركبتْ عائشةُ بعيرا، وكانت فيه صُعوبة فجعلت تُرَدِّدُهُ، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: عليكِ بالرِّفق، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العنفِ، وما لا يُعطي على مَا سِواهُ }

[أخرجه مسلم وأبو داود ]

فعليكم بالرفق، الزوج يعامل زوجته برفق، والزوجة تعامل زوجها برفق، لو تعرضت لتعنيف من الزوج وهذا سيئ، وغير مقبول لكن لو حصل وابتلاها الله بزوج يتعامل بالعنف بالبيت ينبغي أن تتعامل هي بالرفق معه، ومع أولادها.
الولد الصغير العنف لا يصل إلى نتيجة معه، إذا كنت تظن أن العنف يوصل لنتيجة لا، ممكن لحد معين يخاف، لدرجة معينة يخاف، ثم يرجع، لكن الرفق قد لا تلمح نتائجه، تقول: والله هذا الولد يغلط، لكن هذا الرفق الذي رفقته لا يضيع، عندما يكبر يعرف غلطه، يتذكر الرفق، أما عندما يتذكر العنف فقد سيصير عنده ردة فعل بالعنف، لا يستجيب.
إذاً علينا أن نحرص أن يكون الرفق صديقنا في كل حياتنا وتصوراتنا.

تلخيص لما سبق:
خمسة أخطار تهدد بيوتنا فاحذروها: دخول الأقارب من غير المحارم على الزوجة في غياب زوجها.
الاختلاط غير المنضبط بضوابط الشريعة. الشاشة غير المنضبطة. المصورة، أو الكاميرا، والعنف. هذه أمور ينبغي أن نحرص كل الحرص على ألا تكون في بيوتنا حتى نحمي بيتنا من المخاطر.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله، وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، وشكراً لحسن استماعكم وإصغائكم، جعلنا الله جميعاً عند حسن ظن الله بنا، وجعلني عند حسن ظنكم، شكر الله لكم المتابعة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته