حفظ العقل

  • 2019-06-28
  • عمان
  • مسجد زياد العساف

حفظ العقل

يا ربنا لك الحمد مِلء السماوات والأرض، ومِلء ما بينهما، ومِلء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكُلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدِ منك الجد، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنى كل فقير، وعز كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك؟ وكيف نُضِل في هُداك؟ وكيف نذلُ في عزك؟ وكيف نُضامُ في سلطانك؟ وكيف نخشى غيرك والأمرُ كله إليك؟ وأشهدُ أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلتهُ رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنّات القرُبات، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد ، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد عباد الله اتقوا الله فيما أمر، وانتَهوا عما عنه نهى وزجر, يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.


الحفاظ على الضرورات الخمسة في الشريعة و هي :

1 ـ الدين :
جاءت الشريعة لحفظ خمس أشياء
أيها الأخوة الكرام؛ جاءت الشريعة الإسلامية لحفظ الضرورات الخمسة، في الشريعة ضرورات يجب أن تحفظ مجتمعةً، هذه الضرورات هي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، فأي شيءٍ يحفظ تلك الضرورات أمرت به الشريعة، وأي شيءٍ يفسد تلك الضرورات نهت عنه الشريعة، أما الدين فجاءت الشريعة لحفظه، فشرع لأجله الجهاد، فالجِهاد شُرع في الأصل لحفظ الدين، ناهيك عن الممارسات الخاطئة، نتحدث عن أصل التشريع، شُرعَ الجِهاد لحفظِ الضرورة الأولى في حياة الإنسان وهي دينهُ، فالدين أهم ضرورة، إنه سعادة الأبد أو شقوة الأبد، لذلك يمكن أن يقدم الإنسان كل شيء في سبيل حفظ دينه، ولو كان هذا الشيء روحه، لأن الدين أول ضرورة في حياة الإنسان، شُرع الجهاد فقال تعالى:

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
[سورة الأنفال: 39]

أي قاتلوا أعداء الدين حتى يكون الدين لله، حتى يستطيع الناس في كل مكان أن يدينوا لله بدينهم، فلا تستعبدهم طواغيت الأرض، ولا تكسرهم شهوات الأرض، ولا تأخذ بعقولهم شبهات الإعلام، هذا أصل الجهاد، حتى يكون الدين لله، حتى لا يمنع أحدٌ أحداً من أن يدين بدينه، أي أن يرجع بدينه إلى ربه ومولاه، هذا أصل حفظ الضرورة الأولى وهي الدين، ومن أجل حفظ الدين أيها الكرام مُنعَ بيع المقدسات، ومُنعَ التلاعب بالمقدسات، فالمقدساتُ جزءٌ من ديننا، و الأوقاف جزءٌ من ديننا لا تباع ولا تشترى، إنها دين، ومن يبيع مقدساتهِ يبيع دينه، ومن يبيع أوقافهُ يبيع دينه، لذلك في الصحيح:

{ لا تبع ما ليس عندك }

[أخرجه الترمذي]

لا يمكن للإنسان أن يتخلى عن دينه
أي لا تبع ما لا تملك، فليس للإنسان أن يبيع سلعةً لا يملكها، فكيف به إذا أراد أن يبيع أرضاً لا يملكها؟! أما الوقف فلا يباع، ولا يوهب، ولا يبتاع، كما قال صلى الله عليه وسلم، فالمقدساتُ من ديننا، وشرع حفظ الدين، وشرع حفظ المقدسات، ولا يجوز لا شرعاً ولا عقلاً أن يتنازل الإنسان لا عن دينه، ولا عن مقدساته، وكل عقدٍ يعقده في هذا المجال باطلٌ شرعاً وعقلاً وبجميع الأعراف.
أيها الأخوة الكرام؛ إذاً شُرع الجهاد لحفظ الضرورة الأولى وهي الدين.

2 ـ النفس :
الضرورة الثانية: هي حفظ النفس، ومن أجل ذلك شُرع القصاص، قال تعالى:

وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
[سورة البقرة: 179]

ومن أجل هذا حُرم الانتحار.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا
[سورة النساء: 29]

حرم الله أي شيءٍ يضر بالنفس حفاظاً عليها، حتى تتجرد لخالقها ولدينها.

3 ـ النسل :
الضرورة الثالثة: حفظ النسل، ومن أجل حفظ النسل حُرم الزنا، وأقيم الحد على الزناة، من أجل حفظ النسل والعرض، وحرمت كل مقدمات تفضي إلى الزنا، أو تصل إليه بطريق أو بأُخرى، بدءاً بإطلاق البصر أو بالخلوة المحرمة، إلى آخره، هذه الضرورة الثالثة، حفظ النسل.

4 ـ المال :
الضرورة الرابعة: حفظ المال، وأخرت حفظ العقل لأني أريد أن أفصل فيه، وهو موضوع خطبتنا، وحفظ المال ضرورةٌ من الضرورات، فحرم من أجله أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى:

وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ
[سورة البقرة: 188]

شرح الإسلام حد السرقة وحرم الربا
وشُرع حد السرقة على السارقين والسارقات من أجل حفظ المال، وحينما يكون المال عاماً ويسرق فهو أشد من المال الخاص، ومن أجل حفظ المال شرع حدّ السرقة، وحرم الربا، حرم الربا الذي يجمع الأموال في أيدٍ قليلة، وتحرم منه الكثرة الكثيرة، فيحصل ما يحصل في المجتمعات من فقرٍ مدقع وطبقي متفاوتٍ بين الناس، مما يؤدي إلى انتشار الآفات، والجرائم، والطبقية، والفقر، والإرهاب.

5 ـ العقل :
أما العقل وهو الضرورة الخامسة فقد شرع الله تعالى ما يحفظه، فمنع كل ما يؤدي إلى زوال العقل، ونهى عنه، ومن أجل حفظ العقل حرمت المسكرات، وحرمت المخدرات، و حرم كل مسكرٍ يخامر العقل فيخرجه عن كونه أداةً عظيمة خلقها الله تعالى لإسعادنا، و لوصولنا إليه.
أيها الأخوة الكرام؛ العقل سمي عقلاً لأنه يعقل، في الحديث قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلّم: أعقلها و أتوكل أو أطلقها و أتوكل- أي ناقته - ؟ قال:

{ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ }

[أخرجه الترمذي]

العقل يمنع الإنسان من الوقوع في المهلكات
اعقلها بمعنى اربطها، فالعقل هو ما يعقل صاحبه أن يقع في مهلكات الأمور، وسمي العقل عقلاً لأنه يحجز الإنسان عن أن يقع فيما يهلكه في دينه، أو دنياه، أو أخراه، من هنا جاءت تسمية العقل، هو يعقل الإنسان يمنعه، يربطه، يحجزه عن أن يقع في المهلكات، هذا هو العقل.
و من أجل حفظ العقل حرم الله كل أنواع المسكرات و الخمور، قال صلى الله عليه وسلم:

{ كل مسكرٍ خمر وكل مسكرٍ حرام }

[صحيح مسلم]

و في حديث آخر:

{ كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال }

[صحيح مسلم]

وهي عصارة أو عرق أهل النار و العياذ بالله، ونهى النبي صلى الله عليه و سلم عن كل مسكر و مُفتر، و من هنا فإن جميع أنواع الخمور و المسكرات و المخدرات تدخل في هذا الحديث فلا يجوز لا تعاطيها، و لا الاتجار بها، و لا الترويج لها، و لا الإعلان عنها، وكل تعاون عليها إنما هو إثم عظيم عند الله تعالى.

منزلة العقل في الإسلام منزلة عظيمة :
الخمر أم الخبائث
أيها الأخوة الكرام؛ هذا عن حفظ العقل من المسكرات و المفترات والمخدرات وكل ما يخامر العقل فيحجزه عن أداء مهمته. الخمر كما وصفها صلى الله عليه وسلم هي أم الخبائث لأنها تذهب بالضرورات كلها، فتذهب بالدين، و تذهب بالعقل، و تذهب بالنفس، و قد تذهب بالنسل، و تذهب بالمال فهي أم الخبائث.


لكن ماذا عن علاقة العقل بالنقل؟ نحن نتحدث عن العقل لأنه ينبغي أيضاً أن نحفظ عقولنا من أن تشط أو تتجاوز حدودها الذي رسمها الله لها.
أيها الأخوة الكرام؛ العقل عين قاف لام، يعقلون، تعقلون، يعقلوا، ورد في كتاب الله تعالى تسع و أربعون مرة لعلكم تعقلون، وما يعقلها إلا العالمون، أفلا تعقلون… و وردت الألباب - العقول - في كتاب الله تعالى ست عشرة مرة:

وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
[سورة البقرة: 179]

و وردت النهى – العقول- في كتاب الله تعالى مرتين، قال الله تعالى:

كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ
[سورة طه: 54]

الفكر نتاج العقل
و ورد الحجر – العقل- في كتاب الله تعالى مرة واحدة، قال تعالى:

هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ
[سورة الفجر: 5]

أي لذي عقل، أما الفكر فهو نتاج العقل، فالعقل يفكر، فقد ورد في كتاب الله تعالى ثماني عشرة مرة، قال تعالى:

وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
[سورة الجاثية: 13]

أي يُعملون عقولهم في الكون ليصلوا إلى خالقهم، مجموع الآيات ست و ثمانون آية تتحدث عن العقل، و عن مخرجات العقل، و هو الفكر، إذاً عندما يكون في كتاب الله تعالى ست و ثمانون آية تتحدث عن العقل، وعن التعقّل، وعن التفكّر، فهذا يدل على أن الإسلام قد أعطى للعقل منزلةً عظيمة، و أَولاه مكانة كبيرة، فلا يستطيع الإنسان أن ينال من هذه المكانة، فأنا لا أنكر أبداً دور العقل، بل هو أهم ما وهبك الله إياه، بل هو أهم ما يمكن أن يوصلك إلى مولاك.

علاقة العقل بالنقل :
النقل هو كتاب الله وسنته نبيه الصحيحة
لكن هناك عقل و هناك نقل، النقل هو كتاب الله، النقل هو السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الآن هذا العقل الذي خلقه الله، الله ذاته جلّ جلاله أنزل النقل:

إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ
[سورة النجم: 4 ]

شرع الله فوق العقل والنقل
و الله جل جلاله خلق العقل، فالعقل و النقل حكماً متطابقان لأنهما من مصدر واحد، فالخالق جل جلاله خالق العقل هو منزل النقل، فلا بد أن يتوافقا، و لكن حينما يتوهم المسلم تعارضاً بين نقلٍ جاءه و عقل فكّر فإنما يعود ذلك لأحد سببين؛ إما أن النقل غير صحيح و هذا ممكن في السنة، فهناك نقل غير صحيح، لكن انبرى علماءُ ثقاةٌ هيأهم الله تعالى لهذه الأمة فنقّحوا تلك الأحاديث، فبينوا سقيمها و ضعيفها من حسنها و صحيحها. فإما أن النقل غير صحيح فينبغي التحقق منه، أو أن هذا العقل لا يفكر بالطريقة الصحيحة، فقد يرى العقل يوماً أن الربا هو شيءٌ محبب و مستحسن، ما المشكلة في أن أعطي إنساناً ألفاً فيردها ألفين و أنا راضٍ و هو راضٍ، فأين المشكلة أستفيد و أُفيد؟ قد يرى العقل ذلك، لكنه ليس عقلاً صريحاً، و ليس عقلاً منضبطاً، و ليس عقلاً كما خلقه الله تعالى، لذلك تعارض مع النقل، إذاً عندما أجد أو أتوهم تعارضاً أتهم عقلي إذا كان النقل صحيحاً، لأن العقل لا يمكن ولا يصح أن يكون حكماً على الوحي المطلق، يستحيل أن يستطيع العقل أن يكون حكماً على النقل، فالقائلون الحسن ما حسنه العقل، و السيئ ما استقبحه العقل، هؤلاء بعيدون كل البعد عن الحقيقة.
أما نحن المسلمين فنقول: الحسن ما حسنه الشرع، و السيئ ما استقبحه الشرع، فشرع الله تعالى فوق العقل، و النقل فوق العقل، و العقل أداةٌ لفهم النصوص الشرعية، و للوصول إلى الإيمان بالله تعالى، لكنه لا يصح و لا يقبل أن ينصب نفسه حكماً على النصوص الشرعية كما نسمع اليوم في وسائل الإعلام، فقائل يقول: هذا لم استحسنه بعقلي، و ثانٍ يقول: وهل يعقل ذلك وهو نص صحيح؟ و ثالث يؤول النصوص و يلوي أعناقها من أجل أن يرضي عقله السقيم. إذاً نحن المسلمين نؤمن بأن النقل أساس، و أن العقل تبعٌ له لفهمه، و للعمل به، و للوصول إلى الخالق جل جلاله، فلا ننكر دور العقل، ولكننا في الوقت نفسه لا نحكمه في النقل.

العناية بالشباب و الانتباه لهم :
أيها الأخوة الكرام؛ أيضاً مما ينبغي لفت النظر إليه في قضية العقل و نحن نتحدث عن حفظ هذه الضرورة، و بدأنا بحفظها من المسكرات والمفتّرات والمخدرات عافانا الله و إياكم، و أنتم أهل مساجد بعيدون كل البعد عن هذه الأجواء فاحمدوا الله تعالى، هذه النعمة لا يعرفها إلا من فقدها، لكن سبب الحديث أننا ينبغي أن ننتبه إلى أبنائنا، و إلى شبابنا، و أن ننتبه إليهم من دعاة هذه المخدرات، والمفترات، الذين يزدادون بسبب البعد عن الله، فينبغي الانتباه لذلك، ثم تحدثنا عن دور العقل و علاقته بالنقل.

العقل و الشبهات :
الشبهة تدخل إلى العقل وتفتك به
أخيراً العقل و الشبهات، هناك شيئان مشينان يبدأان بحرف الشين، شيئان يشينان الإنسان، و يبدأان بحرف الشين شهوة و شبهة، الشهوة تدخل إلى القلب فيشتهي الإنسان مالاً فيعصي الله من أجله، و يشتهي امرأة فقد يقع - و العياذ بالله - فيما يغضب الله، وفي المقابل المؤمن يشتهي المال فيتاجر، و قد يشتهي النساء فيتزوج. فالشهوة يمكن أن تلبى بشكل صحيح أو بشكل سيئ، هذه الشهوة.

و لكن حديثنا عن الشبهة، الشبهة هي الشين الثانية، و مجالها العقل، فتدخل إلى العقل فتستحكم به، و تفتك به، لذلك وجب حفظ العقول من الشبهات. إذا كان الإنسان ذا إيمانٍ ضعيف أو كان مبتدئاً في مجال طلب العلم فينبغي له أن يبتعد عن شبهات الإعلام. اعبد الله تعالى، أقم أمر الله في بيتك، و في عملك، و في نفسك، اتبع خطوات الله تعالى، ابتعد عن خطوات الشيطان، و ابق في طريق الحق، ولا تلتفت للشبهات، فالدين حق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، أما إذا كان الإنسان متمكناً، واستمع إلى بعض الشبهات في وسائل الإعلام حيناً، وفي وسائل التواصل حيناً آخر، و كلها وسائل إعلام، فينبغي عليه أن يوطن نفسه للرد على هذه الشبهات، و ألا تتسلل إلى عقله فتفسده، فما أعظم الشبهات في هذا العصر.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و وزِنوا أعمالكم قبل أن توزنَ عليكم، واعلموا أن ملكَ الموت قد تخطانا إلى غيرنا،وسيَتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذُ حذرنا، الكيس من دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، و تمنى على الله الأماني، وأستغفر الله.
الخطبة الثانية :

قضية اصطفاف السيارات :
الحمد لله رب العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيد.
أيها الكرام؛ أثناء دخولي المسجد لفت نظري بعض الأخوة الكرام و القائمون على المسجد إلى قضية اصطفاف السيارات، رجاءً أخواننا الكرام من استطاع منكم و لو أبعد السيارة قليلاً أن ينتبه إلى طريق الناس، و أن ينتبه إلى الطرقات خارج المسجد، فلو ابتعدنا بالسيارة قليلاً و مشينا و تحاشينا الشمس قدر الإمكان، فجزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.

الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، و تولنا فيمن توليت، و بارك لنا فيما أعطيت، و قنا و اصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا و تعاليت، اللهم اغفر للمسلمين و المسلمات، الأحياء منهم و الأموات، إنك يا مولانا سميعٌ قريبٌ مجيبٌ للدعوات، اللهم برحمتك أعنا و اكفنا برحمتك ما أهمنا وأغمنا، و على الإيمان الكامل والكتاب والسنة توفنا، نلقاك وأنت راضٍ عنا، و ارزقنا اللهم حسن الخاتمة، و اجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك، و أنت راضٍ عنا، أنت حسبنا عليك اتكالنا، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين وأنت أرحم الراحمين، اللهم انصر أخواننا المرابطين في المسجد الأقصى و في القدس الشريف على أعدائك وأعدائهم يا أرحم الراحمين، اللهم من أراد بفلسطين خيراً فوفقه لكل خير، و من أراد بها شراً فاشغله في نفسه، و اجعل الدائرة تدور عليه يا أرحم الراحمين، اللهم انصر أخواننا المستضعفين في مشارق الأرض و مغاربها على أعدائك وأعدائهم يا رب العالمين، أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء، أطعم جائعهم، و انصر بلادهم، و ارحم مصابهم، أبرم بهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل عصيانك، و يؤمر به في المعروف، و ينهى فيه عن المنكر، اجعل اللهم هذا البلد آمناً سخياً رخياً مطمئناً و سائر بلاد المسلمين، و وفق اللهم ملك البلاد لما فيه خير البلاد والعباد، أقم الصلاة، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.