• 2019-06-14
  • عمان
  • مسجد التقوى

خمس أمور تعينك على تربية أولادك

يا ربنا لك الحمد مِلء السماوات والأرض، ومِلء ما بينهما، ومِلء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء و البشر أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدِ منك الجد، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنى كل فقير، وعز كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك؟ وكيف نضل في هداك؟ وكيف نذلُ في عزك؟ وكيف نضام في سلطانك؟ وكيف نخشى غيرك والأمرُ كلهُ إليك؟ وأشهدُ أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلتهُ رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنّات القرُبات، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد، وسلم تسليماً كثيراً، وبعد عباد الله اتقوا الله فيما أمر، وانتَهوا عما عنه نهى وزجر, يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.


من أعظم الآثام أن يضيع الإنسان من يقوت :
أيها الأخوة الكرام؛ في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

{ كَفي بِالمرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقُوتُ }

رواه أَبو داود وغيره

ضياع الآخرة ضياعٌ أبدي لا انقضاء له
أي أنه من أعظم الآثام, يكفي الإنسان إثماً عند الله، ومعصيةً عند الله أن يُضيع من استرعاه الله الأمانة عليهم، والضياع أيها الكرام ضياع في الدنيا، وضياع في الآخرة, ضياع في الدنيا، وضياع في الدين، أما ضياع الدنيا فمعروف، وقليل من البشر من يضيعون أبناءهم وعائلتهم ضياعاً دنيوياً، فكل منا حريصٌ حرصاً لا حدود له على أن يقوت، أي أن يطعم أولاده، وأن يكسوهم، وأن يداويهم، وأن يعالجهم، فهذا من حفظ الدنيا, ومن الإثم العظيم أن يضيع الإنسان من استرعاه الله فلا يحفظ الأمانة, لكن هناك ضياع من نوع آخر قد لا يُلتفت إليه، وهو ضياع الدين، وهو أعظم من ضياع الدنيا، فالإنسان عندما تضيع دنياه إنما هي فترة محدودةٌ تنقضي، سنوات، والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر, هي سنوات وتنتهي وتنقضي لكن الإنسان الذي يضيع رعيته, أولاده, يضيعهم ضياعاً دنيوياً و أخروياً، فإنه قد استحق بهم إثماً عظيماً، لأن هذا الضياع ضياعٌ أبدي لا انقضاء له, في الجاهلية بعض قبائل العرب:

وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ
[سورة التكوير: 8-9]

هذا ضيعَ ابنته والعياذ بالله قتلها وهي مولودة جديدة، و واراها التراب، هناك عادات جاهلية مَقيتة و ما أعظم ما فعل! و ما أعظم شناعته عند الله، لكن في الوجه المقابل من لا يضيع دنيا ابنته، يُدرسها في أرقى الجامعات، و يُطعمها أطيب الطعام، ويكسوها أجمل الثياب، لكنه يتركها متفلتة تخرج من بيتها متى شاءت، تضل الناس عن صراط الله المستقيم، لا يهتم لدينها، ولا لصلاتها، ولا لحجابها، ولا لعفافها، ولا لطهرها، ولا تزويجها من شاب مؤمن يحفظ لها دينها، فهذا ضيعها و وأدها، لكنه وأد من نوع آخر، ضيع لها دينها، قال تعالى:

وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ
[سورة البقرة:191]

فقد تكون الفتنة عن دين الله أعظم أثراً ونتيجةً من القتل على رغم من فداحتهِ وعظم جريمته.
أيها الأخوة الكرام؛ إذاً كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت, هذا الذي استرعاه الله، أو استرعانا الله أمانته هو تحت أيدينا من زوجةٍ، وأولاد، وأنتِ أيتها المرأة استرعاكِ الله بيتاً فيه زوج وأولاد:

{ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ }

[رواه البخاري ومسلم]

هذه الرعية التي استرعاكَ الله إياها ينبغي ألا تُضيعها، و ألا تضيع دنياها، وهذا غالباً محقق، فكلنا يسعى إلى إمداد بيته بقدر طاقته:

لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا
[ سورة البقرة: 286 ]

وألا يضيع أُخراها بألا يرعى دينها، وعقيدتها، وإيمانها.
أيها الأخوة الكرام؛ هذه خمس قواعد سريعة حسب الدين وفي تربية الأولاد في الإسلام, ونحن على أبواب إجازة الصيف فنحن في أمس الحاجة إلى الموضوع.

أمور تُعين الإنسان على تربية أبنائه :

1 ـ أن يكون قدوة لهم :
موقف فيه صدق أبلغ من ألف محاضرة
أيها الكرام؛ خمسة أمور تُعينك على تربية أبنائك ورعيتك انتبه له.
أولاً : كن لهم قدوةً، الناس أيها الكرام يتعاملون بعيونهم ولا يتعاملون بآذانهم، الناس يتعلمون بعيونهم لا من آذانهم، موقف فيه صدق أبلغ من ألف محاضرة في الصدق، موقف واحد في الصدق أبلغ من ألف محاضرة، والأطفال خصوصاً أكثر من الكبار يتعلمون بعيونهم لا من آذانهم، فلو ألقيت ألف محاضرة في الصدق على ابنك ثم جاء اتصال هاتفي فقلت لابنك: قل له: أبي ليس موجوداً في البيت, وأنت موجود في البيت, فقد هدمت ألف محاضرة في الصدق، فالناس يتعلمون بعيونهم، علِموا الناس بحالكم قبل أن تعلموهم بَمقالكم، فالحالُ أبلغ من القال، الحال أي المعاملة أبلغ من المقال، هذا عن سهل ابن عبد الله التستري وهو من العلماء الكبار يروي قصته فيقول: كنت ابن ثلاث سنوات، صغير لا يكاد يتكلم إلا قليلاً، كنت ابن ثلاث سنوات، وأنا أقوم الليل أي يستيقظ ليلاً على صوت خاله محمد بن سوار، وهو من الصالحين، وهو يقوم الليل، خاله يقوم الليل، ويناجي ربه، فكنت أنظر إليه ماذا يفعل في الليل، يصلي, فقال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ يزرع فيه العقيدة وهو ابن ثلاث سنوات، قال: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ قلتُ: كيف أذكره؟ قال: قل في سرك أي في قلبك - علمه ثلاث كلمات-: الله معي، معية الله, الله معي- الله مطلع عليّ- الله ناظر إليّ، الله شاهدي، قل: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي, قال: داومت عليها، وأنا لا أفقه معناها، طفل صغير يقول: الله معي، قال: فبعد حين بسنوات وجدت لها حلاوة في سري، و في داخلي، أصبح يردد هذه الكلمات فيجد بها أنساً بالله تعالى، فقال له خاله بعدها- بعد حين- قلها في كل ليلة إحدى عشرة مرة، دائماً قل: الله معي، الله ناظر إليّ، الله شاهدي، قال: فوجدت حلاوتها في قلبي، ثم قال لي: يا سهل من كان الله معه وهو ناظرٌ إليه وهو شاهدٌ عليه أيعصهِ؟ إياك والمعصية، فعلمه العادة بالتلقين، دربه على كلمات قليلة ثم علمه مفهوم المراقبة بهذا المعنى وهو طفل صغير.
إذاً أيها الكرام؛ عندما كان محمد بن سوار قدوةً لسهل يقوم الليل قبل أن يعلمه القيام، يصلي الفجر قبل أن يأمره بصلاة الفجر، يستيقظ للفجر قبل أن يوقظه, يتعامل بالصدق قبل أن يأمره بالصدق, بهذا المعنى أيها الكرام يكون الإنسان قدوةً, ويكون المربي قدوةً، ويكون المعلم قدوةً، فيتعلم الأطفال من حال المعلم قبل أن يتعلموا من أقواله.
إذاً أيها الكرام؛ أول أمرٍ كن لهم قدوةً.

2 ـ استخدام القصة اللطيفة في التربية :
الصدق فكرة مجردة ليست محسوسة
الأمر الثاني أيها الكرام؛ استخدم في التربية القصة اللطيفة، أخواننا الكرام؛ نحن عندنا مجرد وعندنا محسوس, ما معنى ذلك؟ إذا قلت لك الآن:
الصدق، هذه فكرة مجردة, هل رأى أحداً منكم الصدق يمشي في الشارع؟ الصدق فكرة مجردة، أي مفهوم، لكن ليست محسوسةً لا ترى, هناك شيء محسوس.
إذا قلت لك: أحمد صادق، أحمد تراه بعينك، فالمحسوسُ شيء والمجرد شيء، الطفل أخواننا الكرام قد لا يستطيع أن يتعامل مع المجردات، والأفكار النظرية، و القراءة في الكتب، لكنه يحب أن يرى شيئاً ملموساً، هذا الشيء الملموس هو القصة، تنقل القصة الإنسان من الشيء المجرد إلى الشيء المحسوس، فيتعلم من القصة، سأضرب لكم مثلاً: لو أردت أن تعلم ابنك الأمانة و تراقبه هذه أسباب مجردة، قد لا يستطيع أن يدركها تماماً، أو إن أدركها قد لا يستطيع أن يتمثلها، لكن عندما تروي له قصة بائعة الحليب قالت :يا بنية قومي فامزُقي اللبن في الماءَ سوف يزيد الوزن والثمن، قالت لها البنت: يا أماه معذرةً قد نهى عمر أن نخلط اللبن، قالت الأم: لا يرى عمر صنيعنا، إنما الفاروق ليس هنا، فقالت البنت: لا تفعلي أبداً فالله يعلم منا السر والعلن، إن لم يكن عمر الفاروق يبصرنا فإن رب أبي حفص هنا معنا، هذه القصة في المراقبة والأمانة، هذه مفهومة أكثر من الفكرة المجردة بكثير، إن لم يكن عمر يرانا فإن رب عمر يرانا، كان عمر يتفقد رعيته، فسمع مقولة الفتاة إن لم يكن عمر يرانا فإن رب عمر يرانا، فذهب إلى بيته و أقسم على أولاده أن يزوجها لأحدهم، لماذا؟ لأنه أدرك أن فتاةً تراقب الله عز وجل لا شك أنها أم مربية عظيمة، ستنجب جيلاً عظيماً، وزوجها لأحد أولاده لعاصم، فمن كان من نسلهم بعد حين؟ عمر بن عبد العزيز الذي أعاد للخلافة راشديتها.
إذاً أخواننا الكرام؛ الناس يتعلمون بعيونهم أولاً، والناس يتعلمون بالأفكار المحسوسة بالقصة.
النبي صلى الله عليه وسلم كان مع أصحابه، أراد أن يعلمهم بالفكرة المحسوسة، فَرسم خطاً مربعاً أي رسم مربعاً كما في الصحيح:

{ خط النبي ﷺ خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خُططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به - أو قد أحاط -، وهذا الذي هو خارجٌ أمله- أي الإنسان يأمل أن يكون مليونيراً، يأمل أن يحتل منصباً مرموقاً، يأمل أن يكون له منزل واسع، مركبة فارِهة، هذا الأمل، لكن هذا الأمل خارج المربع، أي خارج حدود المحسوس، فهو لن يدركه- وهذه الخطط الصغار الأعراض- ما معنى الأعراض؟ أي المصائب؛ مرض, وفاة, حريق, وفاة حبيب- فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا }

[ البخاري عن ابن مسعود]

فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعلم أصحابه أن الموت محيط بنا، وأن أملنا دائماً كبير، لكن الموت قد يوقفه فينبغي أن نعمل عملاً يدفعنا بعد مضي الموت، فالأعراض تحيط بنا من كل جانب، فرَسم هذه الرسمة التي تعبر عن هذا المفهوم.

3 ـ الملاحظة و المراقبة بلطف :
أيها الأخوة الكرام؛ إذاً أولاً: كن لهم قدوة, ثانياً: علمهم بالقصة والمثل, ثالثاً: الملاحظة و المراقبة و لكن بلطف.
ينبغي أن يراقب المربي ويلاحظ لكن بلطف
أخواننا الكرام؛ الله تعالى الآن وفي كل وقت هو معنا, معنا بعلمه وبقدرته، وهو معكم أينما كنتم هل نشعر بذلك؟ بمعنى هل نشعر بمعية الله لنا لأنه جل جلاله في كل لحظة يراقبنا؟ غالباً لا نشعر بذلك، في لحظات معينة نشعر لماذا؟ لأنه جلّ جلاله لطيف، فهو يراقبنا بلطف، لو أن إنساناً مشى معك، ولم يتركك أبداً، ألا تشعر بالثقل؟ تقول له: اذهب عني, المراقبة أحياناً يكون فيها ثقل، وأحياناً يكون فيها لطف, فالمربي ينبغي أن يراقب ويلاحظ، لكن بلطف، بحيث لا يشعر المراقّب بذلك، لكن أن تتركه من غير مراقبة ومن غير ملاحظة فهذه ليست تربية.
وجود الجوال يولد الحاجة إلى المراقبة
أخواننا الكرام؛ اليوم يوجد مصيبة اسمها: الهاتف النقال, الهاتف الذكي، هذه من أعظم مصائب العصر, فوالله إذا كانت التربية تحتاج قبل أن يخترع ذلك الهاتف فرضاً إلى مئة وحدة من التربية, لو فرضنا جدلاً أن التربية لها وحدات، لو أنه كان يحتاج إلى مئة وحدة من التربية, فاليوم يحتاج إلى عشرة آلاف وحدة من التربية بسبب هذا الجهاز, فهذا الجهاز أيها الأخوة يحتاج إلى شيء, أولاً: إلى التحصين الداخلي ثم إلى المراقبة, لا يغني واحد عن الآخر, التحصين الداخلي بمعنى أن الابن أو المُعلم أو المربى عندما ينشأ قوياً إيمانياً فلو جاءه عوارض خارجية من شهوات وشبهات من هذا الجهاز الخطير، فإنه يعود إلى ما تربى عليه, عنده مرجع, عنده آيات يحفظها, عنده أحاديث تعلمها من والده, عنده مركز لتحفيظ القرآن الكريم يتعلم فيه, عنده مسجد يزوره مع والده على صلاة المغرب والعشاء ربما, أي له برنامج آخر يحصنه من الداخل، لكن مع التحصين الداخلي لابد من المراقبة والمتابعة, بمعنى أن يجلس الطفل ساعات على الجهاز الجوال وأمه على جهازها، أو في المطبخ، ووالده في العمل ولا ندري ماذا يتابع؟ هذه مصيبة كبيرة, لابد له في كل عشر دقائق من متابعة، ولابد من تحديد الوقت, لأن أضرار هذا الجهاز الصحية والجسمية والنفسية لا تعد ولا تحصى، وأهم هذه الأضرار أن يُضل الإنسان في دينه والعياذ بالله.
إذاً أيها الكرام؛ الملاحظة والمتابعة في التربية عملية تراكمية، وهي عملية تكاملية معاً, كيف ذلك؟ تراكمية بمعنى أنها تبنى شيئاً فوق شيء, النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ }

[صححه الألباني في صحيح أبي داود]

هل هناك طفل ابن سبع سنوات مكلف؟ أبداً، لا ذكر ولا أنثى, لماذا مُرُوا أوْلادكُم بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ ولم يكلفوا بعد؟
المنزل هو الجزء الأساسي من تربية الأولاد
لأنه لا يمكن أن تأمره بعد أن يكلف و يستجب, صعب جداً، فلابد من أن تأمره بالصلاة من البداية، عندما يكون عمره سبع سنوات ثم ثماني ثم تسع حتى يصبح عشر سنين، لأنه حتى عندما يصبح عشر سنوات قد يترك الصلاة, وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، طبعاً الضرب اللطيف التأديبي، وليس الضرب المُبرح، أبناء عشر وهو بعد لم يكلف، ربما يكلف في الثالثة عشرة، أو الرابعة عشرة، ونحن نأمُره و ننهاه ونتابع معه لأن التربية عملية تراكمية أيضاً التربية عملية تكاملية، ما معنى تكاملية؟ هي أربعة ميمات احفظوها، الميم الأولى: ميم المنزل, المنزل أهم شيء, فإذا كان البيت منضبطاً ليس على الشاشة ما يغضب الله, يُلاحظ الابن إذا خرج شيء لا يرضي الله مباشرةً فإنك تطفئ الشاشة أو تديره, أنت تضع على المحطات التي تفيد في العلم والدين وفي غير ذلك، فالابن ينشأ في بيت ملتزم لا يرى مثلاً والده يغير ثيابه أمامه، فيتعلم أن هناك عورة، لا يرى أمه تكذب على أبيه، أو العكس، فيتعلم أن الكذب حرام، هذه ميم المنزل لابد منها، هي أهم ميم، ميم المنزل تسعون بالمئة والباقي عشرة بالمئة.
الميم الثانية ميم المدرسة، أن تختار له مدرسة تُعنى بتربيته وأخلاقه، لا مدرسة تُعنى بلغته الانكليزية فقط, ميم المنزل فقط، وميم المدرسة، وميم المسجد، أن تصطحبه معك إلى المسجد، ميم المسجد، والميم الرابعة ميم المجتمع، وميم المجتمع قد لا نمتلكها، لكن يمكن أن نُنشئ مجتمعاً مصغراً يحافظ على الدين، بمعنى أننا في أسرتنا الصغيرة ليس هناك مخالفات شرعية، لأن المجتمع من حولنا للأسف فيه فساد عظيم، إذاً ميم: منزل، مدرسة، مسجد، مجتمع، تتكامل مع بعضها في التربية، فلابد أن نسعى إلى تكاملها بشكل أو بآخر.

4 ـ الترغيب والرفق :
طبعاً، السؤال كانت خمسة أمور لكن ذكرنا منها ثلاثة أمور من أجل ضيق الوقت هي ثلاثةٌ تعينك على التربية، كن لهم قدوةً، و تعامل بالقصة وضرب المثل، وثالثاً التربية عملية تكاملية تراكمية، فلابد من الملاحقة والمراقبة، الرابعة والخامسة الترغيب، وقبل الترغيب الرفق:

{ مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَه }

[رواه مسلم]

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و وزنُوا أعمالكم قبل أن توزنَ عليكم، واعلموا أن ملكَ الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيَتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذُ حذرنا، الكيس من دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، و تمنى على الله الأماني، أستغفر الله.
الحمد لله رب العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيد.

الدعاء :
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميع قريب مجيب للدعوات، اللهم برحمتك أعمنا، واكفنا اللهم شر ما أهمنا وأغمنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسنة توفنا, نلقاك وأنت راضٍ عنا، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، وأنت أرحم الراحمين، وارزقنا اللهم حسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك، وأنت راضٍ عنا، أنت حسبنا عليك اتكالنا، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، و أنت على كل شيء قدير، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى به أهل عصيانك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، اجعل اللهم هذا البلد آمناً، رخياً، سخياً، مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم فرج عن أخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، فرج عن إخواننا في القدس الشريف، وفرج عن إخواننا المرابطين في المسجد الأقصى على أعدائك وأعدائهم يا رب العالمين، اللهم انصرنا على أنفسنا، وعلى شهواتنا، حتى ننتصر لك فنستحقَ أن تنصرنا على أعدائنا، و وفق اللهم ملك البلاد لما فيه خير البلاد والعباد، أقم الصلاة، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.