• الحلقة السابعة عشر
  • 2016-03-14

شروط الانتفاع بكلمة التوحيد

بسم الله الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، والصلاة والسلام على النبي العدنان وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، وإلى خمسة أمورٍ جديدة في قضايا الدين والدنيا والآخرة.
خمسة شروط لتنتفع بكلمة التوحيد: من أولى الكلمات التي تدخل أذن الإنسان بعد ولادته هي كلمة التوحيد، فمن السنة أن يؤذَّن في أُذن المولود، وينبغي أن تخرج هذه الكلمة طوعاً والإنسان على فراش الموت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ }

(رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)


أولاً : العلم بها
خمسة شروط لتنتفع بكلمة التوحيد: أولاً العلم بها، لأن الله تعالى يقول:

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ
(سورة محمد: الآية 19)

أن تعلم أن لا إله إلا الله
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ) ولم يقل فقل لا إله إلا الله، فرقٌ كبير بين أن تقول لا إله إلا الله وأن تعلم أن لا إله إلا الله، فإذا قال الإنسان بلسانه لا إله إلا الله لربما خرج من بيته فأطاع مخلوقاً وعصى خالقه فهو ما قال لا إله إلا الله ولو رددها بلسانه ألف مرة لأنه وجد أن طاعة فلان من الناس أكبر عنده من طاعة الله أما الذي يعلم أنه لا إله إلا الله فهذا الإنسان لا يمكن أن يتنازل قيد أنملة عن دينه ومبادئه ولا يمكن أن يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا قليل لأنه لا إله إلا الله، يقول صلى الله عليه وسلم:

{ مَن ماتَ وهو يَعْلَمُ أنَّه لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ }

(صحيح مسلم)

السيدة عائشة رضي الله عنها حين تحدث الناس عنها في حادثة الإفك واتُّهمت بأطهر ما تتهم به امرأةٌ وحزنت لذلك حزناً شديداً واغتمت، قالت: لا أجد لي ولكم إلا قول يوسف: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) جاء الوحي ليبرئها، قالت لها أمها: قومي يا عائشة قومي إلى رسول الله فاشكريه، قالت لا والله، لا أشكر إلا الله، وهي في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وافقها النبي صلى الله عليه وسلم على قولها.

ثانياً: اليقين المنافي للشك
اليقين القطعي
خمسة شروط لتنتفع بكلمة التوحيد، أولاً: العلم بها، ثانياً: اليقين المنافي للشك، في كلمة التوحيد لا يوجد لعل، ربما، بل يقين قطعي، لأن الله عز وجل هو المعبود وحده لا نعبد معه جهة مهما علت في الأرض مهما اغتنت مهما عظمت، قال تعالى: (ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا)

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
(سورة الحجرات: الآية 15)

أما الشاعر الذي يقول:
قـالَ المُنَجِّمُ وَالطَبيبُ كِلاهُمـــا لا تُحشَرُ الأَجسادُ قُلتُ إِلَيكُمـــا إِن صَحَّ قَولُكُما فَلَستُ بِخاسِرٍ أَو صَحَّ قَولي فَالخُسارُ عَلَيكُما
{ أبو العلاء المعري }
هذا ليس إيماناً، هذا شك وتردد أما التوحيد فعلمٌ يقينيٌّ مائة في المائة لذلك يقول صلى الله عليه وسلم:

{ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله، وَأَنِّي رَسُولُ اللّهِ. لاَ يَلْقَى الله بِهِمَا عَبْدٌ، غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ }

(رواه البخاري)


ثالثاً : الإخلاص
خمسة شروط لتنتفع بكلمة التوحيد، العلم بها، اليقين، الإخلاص، كلمة التوحيد ينبغي أن تخرج من قلب مخلص لا رياءً ولا سمعةً ولا رغبةً بما عند الناس، قال تعالى:

وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
(سورة البينة: الآية 5)

وفي الحديث:

{ أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قَلْبِهِ، أوْ نَفْسِهِ }

(صحيح البخاري)


رابعاً : الصدق
الصدق في قولها وفي العمل بها
خمسة شروط لتنتفع بكلمة التوحيد، العلم بها، اليقين، الإخلاص، الصدق، الصدق في قولها وفي العمل بها، تخرج من القلب هكذا ينبغي أن تكون كلمة التوحيد لو اضطررت إلى أن أبذل روحي في سبيل الله بذلتها، هذه لا إلا الله.
خباب ابن الأرت كان على خشبة الصلب فسُأل: أتحب أن يكون محمدٌ مكانك وأنت ناجٍ قال: لا والله لا أحب أن أكون آمناً وادعاً في أهلي وأن يوخز محمد بشوكة.

خامساً : الكفر بالطاغوت
خمسة شروط لتنتفع بكلمة التوحيد، العلم بها، اليقين، الإخلاص، الصدق، أخيراً: الكفر بالطاغوت، إنسان يقول لا إله إلا الله وقلبه معلقٌ بالغرب لا يستطيع أن ينتفع بلا إله إلا الله، إنسانٌ يقول لا إلا الله وقلبه معلقٌ بالمتفلتين المنحرفين ليس لهذه الكلمة معنى بالنسبة إليه قلبه مع أعداء الدين قلبه مع المنحرفين والفاسدين، فمن يكفر بالطاغوت، والطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله، (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ)

لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(سورة البقرة: الآية 256)

{ يقول صلى الله عليه وسلم:( مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ الله، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى الله عز وجل) }

(رواه مسلم)

الطاغوت كل ما يعبد من دون الله
خمسة شروط لتنتفع بكلمة التوحيد، العلم بها، اليقين، الإخلاص، الصدق، الكفر بالطاغوت، أسأل الله تعالى أن نتحقق جميعاً من كلمة لا إلا الله.
وإلى لقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته