سؤال وجواب - 28 جمادى ثاني 1447
سؤال وجواب - 28 جمادى ثاني 1447
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
| بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
السؤال الأول:
هل ورد في فضل رجب شيءٌ عن النبي؟
يقول السائل الكريم: هل ورد في فضل شهر رجب أو صيامه أو قيامه أو العُمرة فيه شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
| أحبابنا الكرام دخل شهر رجب واقترب رمضان، وقد قالوا: "المؤمن يزرع في رجب ويسقي في شعبان ويحصُد في رمضان" فقد اقترب شهر الصيام بعد دخول رجب، شهر رجب معناه مَن رجَبَ الشيء رجبتُ الشيء أي عظّمته، فالعرب كانوا يُعظِّمون هذا الشهر فسُمّيَ رجب من التعظيم، وهذا الشهر واحدٌ من الأشهُر الحُرُم الأربعة قال تعالى: |
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(36)(سورة التوبة)
| فرجب هو رجب الفرد لأنه يأتي وحده، بينما تأتي الثلاثة الأُخرى، ذو القِعدة، وذو الحِجَّة، ومُحرَّم سرداً وراء بعضها، فهي أربعة أشهُرٍ حُرُم، والواجب على المؤمن أن لا يظلم نفسه في هذه الأشهُر فيتعرَّض لسَخَط الله، لأنَّ أهل العِلم قالوا: تُضاعَف فيها السيئات، الإثم فيها أعظم من غيرها بالأشهُر الحُرُم، والنبي صلى الله عليه وسلم سمّاه في الحديث: |
{ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَطَب في حجَّتِه، فقال: إنَّ الزَّمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خَلَق اللهُ السَّمواتِ والأرضَ، السَّنةُ اثنا عَشَرَ شَهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعْدةِ، وذو الحِجَّةِ، والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادى وشَعبانَ }
(أخرجه البخاري ومسلم وأحمد)
| لأنَّ مُضَر كانت تُعظِّمه، وكانت لا تنقله إلى مكانٍ آخر، العرب كانوا يقومون بما يُسمّى النسيء: |
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(37)(سورة التوبة)
| يُحركون الأشهُر الحُرُم من مكانها إلى مكانٍ آخر حتى يحتربوا في الشهر، فالقلم بيدهم يُقيمون الشهر ويضعونه بمكانٍ آخر يُنسئونه أو يؤجِّلونه، أمّا مُضَر كانت تُعظِّم رجب ولا تنقله إلى أي شهرٍ آخر، فسُمّيَ رجب مُضَر. |
| وأهل الجاهلية كانوا يذبحون في هذا الشهر ما يُسمّونه العتيرة، كيف أنَّ العقيقة للمولود والوكيرة للبيت، العقيقة سُنَّة، والوكيرة عند العرب إذا اشترى أحدهم بيتاً يذبح وكيرةً، وكانوا في رجب يذبحون عتيرةً يُسمّونها العتيرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: |
{ لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ قالَ: والفَرَعُ: أوَّلُ نِتاجٍ كانَ يُنْتَجُ لهمْ، كانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَواغِيَتِهِمْ، والعَتِيرَةُ في رَجَبٍ }
(أخرجه مسلم)
| أي أبطَل هذه العادة أن يُذبَح ذبيحةٌ في رجب تعظيماً له، (لا فَرَعَ) هذه كانت تُذبَح في أول النتاج من أجل طواغيتهم، يُقدِّمونها للطواغيت للأصنام، فقال: (لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ) فأبطلها. |
| على كلٍّ هل ورد شيءٌ في فضل هذا الشهر؟ لم يَرِد شيءٌ في فضل شهر رجب، لا بصيامٍ ولا بقيامٍ ولا بعمرةٍ. |
| ابن حجر له كتابٌ سمّاه "تبيين العَجَب بما ورد في فضل رجب" من كثرة الأحاديث الموضوعة والواهية التي تُذكَر، والضعيفة جداً التي تُذكَر في فضل رجب، فألَّف كُتيّباً سمّاه "تبيين العَجَب بما ورد في فضل رجب" يقول فيه: لم يَرِد في فضل شهر رجب، لا في صيامه، ولا في صيام شيءٍ منه، ولا في قيام ليله عبادةٌ مخصوصة، ولا يَصِحُّ حديثٌ فيه تقوم به الحُجَّة، فبالتالي ليس هناك في رجب لا عُمرةٌ خاصة ولا شيء، لكن الإنسان بشكلٍ طبيعي الذي يصوم الاثنين والخميس يصوم، والذي يصوم الأيام الثلاثة من كل شهرٍ يصومها بوضعه الطبيعي، أمّا شيءٌ مخصوصٌ لرجب، لم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تقوم حُجَّةٌ بالأحاديث التي وردت، كلها إمّا واهيةٌ أو ضعيفةٌ جداً أو موضوعة. |
السؤال الثاني:
هل يُنتقَض وضوء الطبيب إذا مَسَّ الجنس الآخر؟
هل يُنتقَض وضوء الطبيب أو المُمرض إذا مَسَّ الجنس الآخر بغرض العلاج؟ أنا طبيبٌ مُقيم.
| الحقيقة أنَّ لمس الرجُل للمرأة فيه كلامٌ لأهل العِلم، فالشافعية يرون أنَّ لمس المرأة ينقُض الوضوء، وغيرهم يرى أنه لا ينقُض، والراجح أنَّ لمس المرأة لا ينقُض الوضوء، والمالكية لهم رأيٌ جميلٌ في المسألة، يُفصِّلون بين مَن لمس بشهوةٍ أو بغير شهوة، فيُنقَض وضوء من لمسَ بشهوةٍ مع الإثم طبعاً إذا كان لغير زوجته، ولا يُنقَض وضوء مَن لمسَ لمساً عابراً. |
| فالذي أُرجِّحه أنَّ الطبيب ما دام يلتزم شرع الله عزَّ وجل، لأنَّ اللمس مُرتبطٌ بحيثياتٍ مُعيَّنة وضمن الحدود التي شرعها الله عزَّ وجل، وإذا كان بالإمكان أن يلبس القُفازات في يده، تُحصِّل المطلوب في العلاج دون اللمس المُباشر، فهذا يُطلَب منه لأنَّ الطبيب المسلم يحرص على دينه وعلى دين المسلمات اللواتي يكنَّ عنده، فلا يلمِس امرأةً بغير حق أو بشهوةٍ والعياذ بالله، هذه مهمةٌ إنسانية يقوم بعمله، فما دام اللمس ليس بشهوةٍ لا يَنقُض الوضوء إن شاء الله، هذا هو الراجح من أقوال أهل العِلم في لمس المرأة، وهل يَنقُض الوضوء أم لا ينقضه. |
السؤال الثالث:
لو جلست أمام الرئيس بماذا تنصحه؟
شيخنا العزيز لو أُتيحت لك فُرصة الجلوس أمام الرئيس ما النصائح التي تُقدِّمها له؟
| والله أُتيح لي الجلوس أمامه في البداية مرةً واحدة، قبل أن يُصبح رئيساً بأيام، وحدَّثته عن التعليم وقلت له: هذه سورية لن تنهض إلا بالتعليم، دعكم من كل شيء، لا تشغلوا أنفسكم لا بطلاء الأرصفة، ولا بتحسين الوضع، طبعاً كله مطلوب لكن قلت: لن ننهض إلا بالتعليم، وأثنى على كلامي خيراً وقال: أنا عندما كنت في إدلب كنت أقول لو اضُطررت أن أبيع سلاحاً وأشتري مقعداً لطالبٍ أفعل، وتفاعل جداً، قلت: لا بُدَّ أن ننهض بالتعليم، لأنه لا يمكن أن تنهض الأُمة إلا بالتعليم. |
| وأنا اليوم أرى بوادر طيَّبة كما قلت قبل قليلٍ في التعليم الشرعي، لكن تعليمنا الرسمي سيء جداً للأمانة، يعني المدارس الحكومية سيئة جداً، أسأل الله أن يُلهِم القائمين وأن يُمدَّهم بالإمكانيات، لأنه كله يحتاج إلى إمكانياتٍ والعمل الأهلي جيد، وأنا لمّا تحدثت مع السيد الرئيس قلت له: فلنتعاون ضمن لجان الأحياء، ضمن المغتربين إذا كل مغترب إذا كان معه طبعاً، هناك مغتربين حالهم نسأل الله السلامة أسوأ حالاً من المُقيمين، لكن المُقتدرين كل واحد يتكفَّل بمدرسةٍ في حيّه بتحسينها، بدفع زياداتٍ لرواتب المُعلمين حتى يقوموا بدورهم، فالمهمة شاقَّة، لكن الأمر حصل وليس افتراضاً، فنصحت أن نبدأ بالتعليم، وإذا كان أُضيف شيئاً الآن فأقول: |
الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ(41)(سورة الحج)
| يعني ألّا نُعوِّل لا على شرقٍ ولا على غرب، اليوم رفعوا العقوبات عنّا نهائياً قانون قيصر، هذه العقوبات فُرضِت على الشعب ورُفِعت عن الشعب، لم تُفرَض في الأصل على النظام البائد، فُرِضت على الناس ورُفِعت عن الناس، لكن لا نُعوِّل عليهم، لأنهم يُعطيك من طرف اللسان حلاوةً ويروغ منك كما يروغ الثعلب، فلنُعوِّل على الله عزَّ وجل أولاً، ثم على قُدراتنا الداخلية في بناء بلدنا، أمّا هؤلاء لا يُعوَّل عليهم بشيء، لا شكَّ أنَّ السياسة تقتضي ألّا نُهاجمهم، لكن أيضاً لا نُعوِّل عليهم، نُعلِّق الآمال بالله تعالى وحده حتى ينظُر الله إلينا نظرة عطفٍ ورحمة، وإن شاء الله تُبنى بلادنا بسواعد أبنائها. |
السؤال الرابع:
لماذا الرِبا مُحرَّمة؟
أنا أعلم أنَّ الرِبا حرام لكن عندما يسألني أصدقائي من أمريكا وكندا لماذا هي مُحرَّمة فلا أعرف بماذا أُجيب فماذا أقول لهم؟
| والله يا كرام أنا تلفِّت نظري آيةٌ في كتاب الله: |
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(275)(سورة البقرة)
| يعني هذه مثل هذه، كيف ذلك؟ قالوا: نحن نُحضِر سلعةً بعشرة ونبيعها باثني عشر فنربح اثنين، وهُنا نُعطيه عشرة ويُرجِعُها لنا اثنا عشر، فالبيع مثل الرِبا، وعكسوا الآية قالوا: البيع مثل الرِبا يعني جعلوا الرِبا هو الأصل (قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) القرآن الآن سيُجيبهم، هناك الكثير من الأجوبة سأقولها الآن، لكن القرآن أجابهم إجابةً واضحة قاطعة قال: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) نقطة انتهى، هذا ليس كهذا، هذا حلال وهذا حرام وانتهى، لا تناقش. |
| انظُر للقرآن كيف يُقدِّر النفوس (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) كيف تُسوّي الحلال بالحرام؟ ألا يكفي أنَّ الله حرَّم، ربُّنا يقول لك: هذا حرام، تقول: لا مثل بعضهم!! أيُّ جُرأةٍ هذه؟! ومع ذلك لغير المؤمنين يمكن أن نُبيِّن لهم الحكمة. |
| الحكمة أنَّ الإسلام يريد أن تلد الأعمال المال، حتى يكون المال متداولاً بين أكبر شريحة من الناس، فأنا اليوم إذا أردت أن أعمل عملاً، فبدايةً أُريد أربعة عمال وكل عامل عائلته خمسة أفراد، فالآن شغّلت عشرون شخصاً، بعد ذلك أُريد أن أعمل مطبوعات وإيصالات وكذا فشغّلت المطبعة، بعد ذلك أُريد سيارة فاشتريت سيارةً، أُريد سائق فعيَّنت سائقاً، أُريد بضاعة فاشتريت، نشأ عندي مشكلة فأحضرت عامل التمديدات ليُصلِح، انقطعت الكهرباء فأحضرت عامل الكهرباء ليُصلِحها، وسَّعت العمل قليلاً فأحضرت عامل البناء لبناء غرفةٍ إضافية، ماذا يحصَل؟ الأعمال تلد المال، توزعت الثروة، أمّا عندما يلد المال المال، تُحرَم منه الكثرة الكثيرة ويصبح في أيدٍ قليلة. |
| لذلك يقول الاقتصاديون اليوم: عشرة بالمئة من أهل الأرض يملكون تسعون بالمئة من ثرواتها، وتسعون بالمئة من أهل الأرض يملكون عشرة بالمئة من ثرواتها، لأنَّ الرِبا يُكدِّس الأموال في أيدٍ قليلة ويحرِم الناس منها، البنك يودِع الأموال عنده ويحرِم منها الكثرة الكثيرة، فالإسلام يقول له: معك مليون اعمل بها ولا تضعهم في البنك، لا تُقرضهم وتجلس في البيت، أُريد أن أُشغِّل الناس بعملٍ حقيقي، لا أن يُصبحوا أُجراء يأخذوا مبلغ لا يكفيهم لعشرة أيام، أُريد أن أُشغِّله شُغلاً حقيقياً بأن أتداول معه المال، المال لي ولك، هذا مال الله، فهذا هو أهم ما يُقال في حكمة تحريم الرِبا والله أعلم. |
السؤال الخامس:
ما حكم دهس قط بالخطأ؟
ما هو حُكم دهس قط عن طريق الخطأ؟
| لا شيء عليك إن شاء الله، تحصُل، قط يعبُر الشارع ودَهَسه، إن شاء الله لا شيء عليك، بعض العلماء يستَّحبون أن يدفع الإنسان صدقة، يعني صدقة لله تعالى، هذه نفسٌ أُزهِقت لكن لا شيء فيها، أمّا نفس المؤمن عندما تُقتَل خطأً فيها الديّة وفيها الكفَّارة لعِظَم أمرها، أمّا الحيوان يدفع صدقةً من باب الإحسان. |
السؤال السادس:
متى يجب السجود للسهو؟
متى يجب السجود للسهو ومتى لا يجب؟ إذا نسيت التشهُّد الأول فهل يجب السجود؟
| نعم ترك التشهُّد الأول يوجب سجود السهو، إنسان ركع الركعة الأولى والثانية قام إلى الثالثة ناسياً فتذكَّر، لا يرجع إلى التشهُّد بل يُتابع صلاته ويسجد للسهو لتركه واجبٍ من واجبات الصلاة، وهو التشهُّد الأول، أيضاً عند الزيادة أو النقصان يسجد للسهو، بمعنى أنَّ إنساناً شكَّ هل صلّى ثلاثاً أم أربعاً؟ شكّ، فيبني على الأقل وهو الثلاث، ويُضيف ركعةً ويسجد للسهو، أمّا ترك السُنن لا يوجب السجود للسهو، فلو أنَّ إنسانٌ صلّى وسهى لم يقرأ دعاء الاستفتاح، فلا يوجب سجود السهو. |
| إمّا ترك واجباً من واجبات الصلاة، طبعاً الفروض لا يجبرها سجود السهو كالقيام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والسجودان، والقعود الأخير بقدر التشهُّد، هذه الخمسة لا تُجبر بسجود السهو، لا بُدَّ أن يأتي بما تركه ثم يسجد للسهو، بعد أن يأتي بما تركه، أمّا التشهُّد الأوسط فيُجبره سجود السهو، والزيادة أو النقصان نبني على الأقل ويجبره سجود السهو. |
السؤال السابع:
هل لا يجب رفع اليدين في دعاء خُطبة الجمعة؟
هل حقاً لا يجب رفع اليدين في دعاء خُطبة الجمعة؟
| لا يجب أكيد، لا يجب على الإنسان أن يرفع يديه عند الدعاء، الإمام على المنبر يرفع أُصبُعه كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجالسون إن رفعوا وأمَّنوا لا حَرَج، وإن تركوا الرفع فلا حَرَج، البعض يزيد في المسألة على أنها بدعة لا يجوز أن ترفع يديك، الأصل في رفع اليدين في الدعاء مشروع. |
{ إنَّ اللَّهَ حيِىٌّ كريمٌ يستحي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتينِ }
(صحيح الترمذي)
| وثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء: |
{ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ في الدُّعَاءِ، حتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطَيْهِ }
(أخرجه البخاري ومسلم)
| فرفع اليدين في الدعاء مشروع، لكن البعض قال في الجمعة لا يُشرَع، أنا أقول ليس لا يُشرَع لكن لا يُسن، لكن لو فعله إن شاء الله لا شيء عليه، ولو تركه لا شيء عليه. |
السؤال الثامن:
هل تناول لحم الإبل يجب بعده الوضوء؟
هل تناول لحم الإبل يجب بعده الوضوء وهل يوجد قصة وما الحكمة؟
| نعم يوجب الوضوء لأنَّ النبي قال: |
{ توضَّئوا من لحومِ الإبلِ، ولا توضَّئوا من لحومِ الغنَمِ، وصلُّوا في مَراحِ الغنمِ، ولا تصلُّوا في معاطِنِ الإبلِ }
(أخرجه ابن ماجه)
| وإن كان هذا مذهب الحنابلة فقط، الباقي لم يحملوه على الوجوب، فقط الحنابلة حملوه، لكن للأمانة العلمية النصوص واضحة في التوضؤ من لحم الإبل، البعض يروي قصةً أنه خرج صوتٌ أو ريحٌ من أحد المُصلّين خلف رسول الله، فأراد النبي أن لا يُحرجه فقال: من أكل لحم جذورٍ فليتوضأ، قالوا: كلنا أكلنا لحم جذور، قال: كلكم فليتوضأ، لكن هذه القصة لا تثبت أبداً، يعني ليس لها أي سندٍ أو دليل، ما وجدته، ما أعلم من أين يقولونه؟ لكن الأدلة واضحة أنه: (توضَّئوا من لحومِ الإبلِ ولا توضَّئوا من لحومِ الغنَمِ). |
| نحن ممكن أن نأكل لحم إبلٍ مرةً في السنة، فالأصل بالإنسان وهو أمرٌ سهل أن ينتبه إذا أكل لحم إبلٍ أن يتوضأ لأنه الأرجح، وإن كان هو مذهب الحنابلة فقط في الوجوب، والأئمة الآخرين لهم توجيهات للأحاديث، لكن ما أُرجِّحه وأدين الله تعالى به، أنه يجب الوضوء من لحم الإبل، ما الحكمة؟ هذا أمرٌ تعبدي الله تعالى أعلم به. |
السؤال التاسع:
ما هي أحب الأعمال إلى الله؟
ما هي أحبُّ الأعمال إلى الله؟
| والله يا كرام هذا السؤال سُئله النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، وكان يُجيب في كل مرة جواباً، يمكن عشرون حديثاً، دُلَّني على عملٍ، أي العمل أحب؟ كل واحدٍ يُجيبه جواباً، وهذا من دلائل فقه النبي صلى الله عليه وسلم وفهمه العميق لأمور الناس الذين حوله، وهو كذلك صلى الله عليه وسلم، فعندما يأتيه الغني ربما يكون أفضل عملٍ له أن يُنفق المال، وإذا ما أتاه شخصٌ فقير يقول له: |
{ أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن أعتكِفَ في هذا المسجدِ -يعني: مسجدَ المدينةِ- شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ }
(أخرجه الطبراني)
| وإذا جاءه ابنٌ يقول له برُّك بوالديك، فكان يُجيب بحسب حال السائل، لكن الحديث المشهور أُجيب به عن هذا السؤال: |
{ سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوَالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. }
(صحيح البخاري)
| هذا من أشهَر الأحاديث لأحبّ الأعمال، وهو أن يُصلّي الإنسان الصلاة على وقتها، وأن لا يؤخِّرها فيُخرجها عن وقتها إلى وقت الكراهة أحياناً، يعني المغرب يُصلّيه قبل أذان العشاء، لكن يُمضي وقتاً طويلاً خلف الشاشة، ثم يقوم قبل أذان العشاء بخمس دقائق، أخرج الصلاة إلى وقت الكراهة، فلم يُصلِّها على وقتها، الالتزام بوقتها في المسجد أَولى وأَولى، ثم برُّ الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله بأنواعه، يعني بدءاً من جهاد النفس والهوى، ثم جهاد البناء، ثم الجهاد الدعوي في تعلُّم القرآن وتعليمه، ثم ذروة سنامه نسأل الله أن يُهيّئه لنا في جهادٍ يُعيد لهذه الأُمة مجدها. |
السؤال العاشر:
هل خروج المذي يوجِب الوضوء؟
أشعُر بخروج المذي في الكثير من المواقف وعندما أُفتِّش أجد أثر خروجه، ما العمل خاصةً عندما أكون في العمل وأحتاج إلى الصلاة ؟
| العمل أن يتوضأ الإنسان لأنَّ المذي ينقُض الوضوء بلا خلاف، وإذا لم يُغيِّر ثيابه يكفي أن ينضَح الثياب ببعض الماء يكفيه ذلك إن شاء الله، ويُصلّي الصلاة في وقتها دون تغيير الثياب. |
السؤال الحادي عشر:
كيف يمكن أن أزيد إيماني بالله؟
كيف يمكنني أن أزيد من إيماني بالله حتى يصل إلى قناعةٍ تامة عن وجوده في ذهني مئةً بالمئة؟
| ذكرت ذلك في لقاءٍ سابقٍ، وهو أنَّ الإيمان يزيد بالطاعة وينقُص بالعصيان، فمن أراد أن يُقوي إيمانه بالله فعليه بالصلاة على وقتها ثم النوافل، النوافل مهمة جداً في زيادة الإيمان. |
{ إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ }
(صحيح البخاري)
| اجعل لنفسك نافلةً تلتزم بها، ركعتين قيام ليل أو ركعتين ضُحى ما تحبه، قيام الليل بعد العشاء فوراً أو قبل الفجر ما تريده، لكن اجعل هناك نافلة غير الفرائض حتى تقوي إيمانك، مجلس عِلم دائم، صُحبة الصالحين، البُعد عن مواطن السوء، الإكثار من ذكر الله تعالى، هذه الأمور التي تُقوي الإيمان بالله. |
السؤال الثاني عشر:
هل الإنسان مُخيَّرٌ أم مُسيَّر؟
هل الإنسان مُخيَّرٌ أم مُسيَّر؟
| مُسيَّرٌ فيما لم يُكلَّف به، مُخيَّرٌ فيما كُلِّف به، هل حدَّدت موعد ولادتك؟ ولا أنا، نحن مُسيَّرون، هل حدَّدت طولك؟ لا وأنا كذلك، نحن مُسيَّرون، هل حدَّدت والدك ووالدتك؟ مكان نشأتِك؟ البلد الذي ستولد فيه؟ هذه نحن مُسيَّرون فيها. |
| أمّا فيما كُلِّفنا به، افعل ولا تفعل، فنحن مُخيَّرون قطعاً، وإلا لن يكن للتكليف معنى، إذا شخصٌ راكب يقود السيارة وهناك شخصٌ جالسٌ بجانبه، وشخصٌ جالسٌ في المقعد الخلفي، فالذي في الخلف ربت على كتف الشخص الجالس أمامه الذي لا يقود السيارة وقال له: اذهب إلى اليمين، فماذا يقول له؟ يقول له: وما دخلي؟ تكلَّم مع الذي يقود السيارة، فلا يُعقَل أن يأمرنا الله بأمرٍ ونحن مُسيَّرون في الأساس. |
أَلقاهُ في اليَمِّ مَكتوفاً وَقالَ لَهُ إِيّاكَ إِيّاكَ أَن تَبتَلَّ بِالماءِ{ الحلاج }
| لمُجرَّد أنَّ الله تعالى يقول: |
وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا(53)(سورة الإسراء)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ(12)(سورة الحجرات)
| لمُجرَّد أنَّ النبي يقول: |
{ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا }
(أخرجه الطبراني في الأوسط والبخاري في التاريخ الكبير)
| كيف يأمُرنا ونحن لا نستطيع أن نتجاوب مُسيَّرون؟! شيءٌ عجيب! هذه لوحدها فقط دليلٌ على أنَّ الإنسان مُخيَّرٌ، وإلا كان الله يقول عبثاً حاشاه جلَّ جلاله، أنت هل تقبل من أبوك في البيت أن يربطك بالحبل ثم يقول لك: أعدّ كأساً من الشاي؟ فتقول له: كلامك هذا عبَث، كيف أستطيع أن أُعدّ الشاي وأنا بهذه الحال؟! |
| لمُجرَّد أنَّ الله أمر ونهى، وأنَّ نبيَّهُ أمر ونهى، وأنَّ الله أرسل الرسُل فنحن مُخيَّرون، وإلا كان الدين والأمر والتكليف تمثيليةٌ أو مسرحية والعياذ بالله حاشا الله تعالى. |
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا(3)(سورة الإنسان)
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا(29)(سورة الكهف)
سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ(148)(سورة الأنعام)
| تكذبون لا تقولون: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا) فالإنسان مُخيَّرٌ فيما كُلِّف به، كل تكليف كُلِّفنا به مُخيَّرون أن نفعل أو أن لا نفعل، وإلا ليس هناك معنىً للتكليف أصلاً، هذا والله تعالى أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |

