التوحيد
سؤال وجواب - 2 جمادى أول 1446
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
| بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
| أيُّها الإخوة الكرام: السؤال الأول الذي وردني: |
السؤال الأول:
العامل الذي يعمل في مكانٍ، هل يجوز له أن يسرق من صاحب العمل إذا لم يعطه أجره؟
| ما أُفتي به وأدين الله تعالى به، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ أدِّ الأمانةَ إلى من ائتمنَك، ولا تَخُنْ من خانَك }
(أخرجه أبو داوود والترمذي)
| فالأصل أنَّ المؤمن لا يخون، لا يسرق، يلجأ إلى التقاضي، إلى التحكيم، إلى رجُلٍ يمون على صاحب العمل يُبيِّن له، يرفع أمره إلى وزارة العمل، إلى الجهات المسؤولة، يُحصِّل حقوقه ولا يتركها، المؤمن لا يترك حقاً هو له، يسعى له، لكن لا يلجأ إلى فعلٍ مُضاد فيه سرقة، هذه المسألة عند الفقهاء يُسمّونها "الظَفَر بالحق" يعني إذا إنسان لك حقٌّ ثابتٌ عنده، وموجود ولا يريد أن يُعطيك إيّاه، ليس موضوعاً مُختلَفاً عليه، بمعنى لي، لا ليس لك، خسرت التجارة، لا لم تخسر، لك حقٌّ ثابت. |
| هو يقول لكَ: نعم لكَ عندي ألف دينار ولن أُعطيها لك، فالفقهاء في ذلك كثيراً منهم أجاز الظَفَر بالحق، ربما يدخل إلى بيته ليلاً أو إلى مكتبه، الحق فقط لا يتجاوزه، هناك قول عند الفقهاء، لكن أعود فأقول: ما أدين الله تعالى به، لأنَّ هذه القضايا غالباً يكون فيها خلاف، قد يقول العامل: لم يُعطِنِ أجري يقصد بذلك التعويض، يكون صاحب العمل مُتأول يقول لك: لا أنا أعطيته هذا واعتبرته أجر، أو اعتبرته عيدية مثلاً، فيكون هناك تقاضي، فالجأ إلى التحكيم، أنا لا أُفتي لإنسانٍ أن يسرق من إنسان أبداً، وإذا لم تصِل إلى حقِّك، سلِّم الأمر لصاحب الأمر. |
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا(28)(سورة الفتح)
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا(39)(سورة الأحزاب)
| لكن أحياناً هناك حالات لها أحكامٌ خاصة، كل حالة تُدرس وحدها، أمّا بالعموم احفظوا القاعدة النبوية: (أدِّ الأمانةَ إلى من ائتمنَك، ولا تَخُنْ من خانَك) أنا لا أُقابل الخيانة بخيانة، والله أعلم. |
السؤال الثاني:
أسمع كثيراً عبارةً تقول: كلمة حق أُريد بها باطل، فما المقصود بها؟
| كلمة حقٍّ أُريد بها باطل، أحياناً الإنسان بطبيعته يكون متكلم، فيتكلم كلاماً في الظاهر لا شيء فيه، هو كلمةٌ صحيحة، بمعنى: يقول: أليس حقَّاً تقول له بلى، أليس كذا تقول له بلى، لكن هو يريد بكلمة الحق أن يصِل إلى شيءٍ حرام مُحرَّم، فيلجأ إلى كلمة الحق التي يُسمّيها كلمة حق، ويريد بها أن يأخذ مال إنسان، أو أن يسرقه، أو أن ينال منه، فيقولون هذه كلمة حقٍّ أُريد بها باطل. |
السؤال الثالث:
وجدت مبلغاً على الأرض وتصرَّفت به وهناك من لامني لاستخدامه فما هو التصرُّف الصحيح؟
| هذه المسألة عند الفقهاء تُسمّى اللُقَطَة، موجودة في كل كتب الفقه، في المعاملات باب اللُقَطَة أو مبحث اللُقَطَة، اللُقَطَة يعني إنسان التقطَ شيئاً، هذا الشيء إمّا أن يكون شيئاً مُحتقراً عند الناس، أو أن يكون شيئاً ثميناً، المُحتقر تصرَّف به، تصدَّق به، خُذه لك إذا كنت محتاجاً له، يعني مثلاً: أحدهم وجد قلم رصاص، قال: سأُعرِّف عنه شهراً، وسنةً، وأضعه عند الناس، يُروى أنَّ سيدنا عُمر وجد إنساناً في الحرم والناس يطوفون بالبيت، وهو وجد تمرةً في الأرض فرفعها وقال: من صاحب هذه التمرة؟ فقال له سيدنا عُمر: كُلها يا صاحب الورَع الكاذب، تمرةً لا تحتاج إلى تعريف، لا تحتاج أن تصرع الدنيا بأنك وجدت تمرةً، من يبحث عن تمرة؟! فإذا كان أشياء يسيرة، شيءٌ من طعامٍ بسيط، هذه لُقَطَة يتصرَّف بها الإنسان كيفما أحب. |
| أمّا الأشياء الثمينة مثلاً: لو وجد مبلغ مالي كبير، محفظة فيها مبلغ مالي، فيها أوراقٌ ثبوتية، وجد قطعةً ذهبية، هذه ينبغي أن يُعرِّف عليها، أين وجدها؟ إذا كان في المكان يوجد سوبر ماركت، يوجد مسجد، أو مدرسة، في المكان الذي وجدها يبحث ما أقرب مَعلَم لها، يقول: وجدت شيئاً وهو عندي وهذا رقم هاتفي، وجدها عند المسجد، يقول لإمام المسجد، وإمام المسجد يضع لوحةً على باب المسجد، من فَقَدَ قطعةً ذهبية فليُراجع إمام المسجد وهذا هو الرقم، ويُعرِّف عليها سنة. |
| حقوق العباد أحبابنا الكرام لها في شرع الله مكانة محترمة، فلنحرص على أن لا نأكل شيئاً من حقوق العباد، يُعرِّف عليها سنة، قال فإن جاء صاحبها دفعها إليه، وإن لم يأتِ أصبحت له، إن كان فقيراً أخذها لا مانع، وإذا كان مُغتنياً تصدَّق بها أفضل وأفضل، وأنا أقول نحاول دائماً أن نتصدَّق بهذه اللُقَطَة وأن لا نُبقيها، فيُعرِّف عليها فإن لم يأتِ صاحبها، يتصدَّق بها أو يأخذها لنفسه. |
السؤال الرابع:
أنا مقيمٌ في تركيا لمدة أربع عشرة سنة، وقدِمت زيارةً لسورية لمدة عشرة أيام كونها بلدي، هل يحق لي أن أقصِر في الصلاة كوني جئت زيارةً لبلدي؟ ملاحظة: مذهبي حنفي.
| سأُجيبك حتى على المذهب الحنفي، نعم يجوز لك أن تقصِر، المذهب الحنفي تحديداً يجعل السفر خمسة عشر يوماً مدة الإقامة، على كلٍّ لك أن تقصِر الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم كان في مكَّة وهي موطنه، وهاجر إلى المدينة واستوطنها وأتم الصلاة، بعد أن فُتِحَت مكَّة عاد إليها فقصَر الصلاة، فلو كان موطنك الأصلي، ما دمت لم تنوِ به الإقامة، أنت الآن أصبح لك موطن جديد، أقمت هناك ونويت الإقامة، واشتريت بيتاً وعِشت، وقلت أنا مقيمٌ في تركيا، وعملي هناك، وزوجتي وأولادي، الآن لو جئت زائراً إلى بلدك تقصِر الصلاة، لكن إذا نويت الإقامة من جديد في بلدك، فيجب أن تُتِم الصلاة. |
السؤال الخامس:
ما هو حكم طلب المدَد من الجيلاني أو غيره؟
| أنا على المنبر أدرس كل كلمةٍ أقولها، المدَد من الله تعالى وحده، لا يُمدّنا بشيءٍ إلا الله، المدَد منه، بعض من يقولها يتأوَلها بأنني أجعله وسيلةً إلى الله، أتوسل به إلى الله أن يُمدَّني الله، لكن هل يفهم ذلك الناس عندما يسمعونها؟ هل يفهم ذلك الناس عندما الشيوخ يقولونها؟ حتى مسألة طلب المدَد من الأولياء فيها خلافٌ بين أهل العِلم، التوَسُّل، أمّا طلب المدَد على وجه أنه يظن أن أي أحد من خلق الله يضره أو ينفعه، هذا لا يجوز، النفع والضر بيد الله تعالى وحده. |
{ يا غلامُ، إنِّي أُعَلِّمُكَ كلماتٍ، احفظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احفظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استَعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوكَ بشيءٍ لم ينفعوك إلَّا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ لم يضروكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليكَ، جَفَّتِ الأقلامُ، ورُفِعَتِ الصُّحُفُ }
(الألباني صحيح الجامع)
| فكلُّه من الله تعالى هذه عقيدة المؤمن. |
السؤال السادس:
هل لبس الجوارب فوق الخف يصح المسح عليه؟
| نعم ما دام لُبِس على طهارةٍ لا مانع إن شاء الله، ما دام لُبِس على طهارة لمدة يومٍ وليلة للمُقيم، وثلاثة أيامٍ بلياليها للمسافر. |
السؤال السابع:
أُحب أن أسمع قصص وكرامات الأولياء ولو كان الراوي لم يذكُر السنَد، فهل هناك تأثيرٌ عليَّ في ذلك؟
| إذا كانت الكرامات مثل التي قلتها على المنبر توكَّل على الله، بالعكس كلنا كما قلت لنا كرامةٌ مع الله، هل فيكم أحد أحبابنا الكرام جالسٌ هنا، لا يذكُر يوماً له من أيامه مع الله؟ أي شيء، كلنا لنا أيامٌ مع الله، يوم سقوط النظام المجرم يومٌ من أيام الله، فكلنا لنا أيامٌ مع الله، أنت أثناء الصلاة شعرت بسكينةٍ في رمضان أو في الحج، هذا يومٌ من أيام الله، وكرامةٌ من كرامات الإنسان مع الله تعالى. |
السؤال الثامن:
لدي قريبٌ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في دين الله، ولكنه لا يصلي وحاولت معه عدة مرات يقول لي: إن شاء الله إن شاء الله.
| الله شاء لكن بقي أنت أن تسعى، الله شاء لك أن تُصلّي، الله أمرك أن تُصلّي |
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا(27)(سورة النساء)
| الله يريد لك أن تُصلّي، لكن أنت يجب أن تقوم إلى الصلاة، إذا إنسان جالس في بيته وقلنا له قُم إلى العمل، قال: إن شاء الله سأقوم، نقول له: قُم إلى العمل، الله شاء، أنت تحرك، فلماذا في الرزق نسعى؟ الابن نرسله إلى المدرسة ليتعلم؟ أمّا في الصلاة إن شاء الله، الله يهديني ادعوا لي! نحن ندعو لك بالهداية لكن أنت هل طلبت الهداية؟ |
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ(17)(سورة محمد)
| في المقابل: |
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(5)(سورة الصف)
السؤال التاسع:
هل من يذهب للجيش استعداداً للجهاد ولأن الراتب جيدٌ أيضاً ليس مُخلصاً في عمله؟
| لا مانع أن يجمع الإنسان بين نيَّتين في عملٍ يعمله، غير قضية التشريك في النية في العبادة هذا موضوعٌ آخر، أتحدث عن نيّة الإنسان، كل إنسانٍ منّا عندما يعمل عملاً قد يكون له فيه أكثر من نيّة، أنت عندما تخرُج إلى عملك تنوي أن تكفي أهل بيتك، وتنوي الرزق، وتنوي العمل في سبيل الله، وتنوي وتنوي، الله تعالى كريم، فإذا إنسان قال: الحمد لله هذه وظيفةٌ راتبها جيد، وأنا أتقوى إن شاء الله لَعلّي أكون يوماً مجاهداً في سبيل الله، وفي المقابل فيها دخلٌ يكفيني ويكفي أهل بيتي، لا مانع. |
السؤال العاشر:
موضوع الفروغ شائك لكن البعض منهم دافعي الفروغ مُتبنين فكرة أنه دفع المبلغ مقابل التملُّك وهو لا يملِك أي أوراق رغم زعم المالكين عدم تلقّيهم أي مبلغ ولكنه دفعٌ بين مستأجرين؟
| والله هذه قلتها سابقاً على هذه الطاولة، عندما بدأت قضية الفروغ تُثار، القضية في الأصل فيها إشكالٌ شرعي، وكل المشكلات التي تنشأ بعد ذلك، تنشأ عن خللٍ في الأصل في تنفيذ شرع الله تعالى، هي في الأصل خطيةٌ من خطايا الأنظمة السابقة التي كانت في سورية، وهذه في رقبتهم كما الدماء التي في رقبتهم أيضاً، لكن هذه القضية مُعقَّدة. |
| وقلت سابقاً كل قضيةٍ منها تحتاج إلى نظر، لمَن دفعت؟ ومَن أخذ؟ والذي قبلَك ممن أخذ؟ والمالِك عندما أعطى المحل كيف أعطاه؟ والاسم التجاري هل فعلاً أصبح هناك اسمٌ تجاري، والبيوت شيء والمحلات شيءٌ آخر، فالقضية شائكة جداً، وحتى الآن فيما أعلم حسب ما سمعت ومَن التقيت، لا يوجد عند الدولة تصوُّرٌ حتى الآن لحلّ هذا الإشكال، بين المالِك وصاحب الفروغ. |
| الذي دفع إذا دفع للمالِك الذي قبله، نعود للمالِك الذي قبله لمَن دفعت عندما أخذت؟ حتى نصِل إلى المالِك الأول، فإذا كان المالِك الأول لم يأخذ، أُخِذَ منه المحل أُجرةً وهو محله وله، هذا لا بُدَّ أن يُرضى، ولو من مجموع من أخذوا من بعده، لا بُدَّ أن يُرضى المالِك، أمّا إذا أخذ في البداية ما يُعادل الفروغ، هذا أصبح على شكل بيعٍ وشراء لكنه فروغ، يعني كل واحدٍ يدفع للثاني يُسمّونها بَدَل خلو، لكن هي في الحقيقة كأنها بيعٌ وشراء. |
| فكل حالةٍ يجب أن تُعالج وحدها، يقولون بالعاميَّة: "نُعالج بالقطعة وليس بالجملة" أنا لا أعتقد أن يصدر قانون موحَّد ينفع كل الحالات، يكون فيه ظلمٌ حتماً، أمّا يجب أن تُدرَس كل حالةٍ وحدها، يتقدَّم الناس الشركاء فيها، كل واحد لمَن دفع؟ وممن أخذ؟ وكيف تمَّ تقييم المحل؟ وكيف أصبح، ويُبنى عليها حُكمها، والأمر صعب ويحتاج في النهاية إلى بعض التسامح بين الناس. |
السؤال الحادي عشر:
هذا نفس السؤال تقريباً موضوع الإيجارات المُمَدَدة حُكماً؟
| أيضاً هذا الموضوع، التمديد الحُكمي للإيجار فيه إشكالٌ شرعي، فإذا كان في البيوت شيء وإذا كان في المحلات شيءٌ آخر، إذا كان هناك فروغ شيء، وإذا لم يكن هناك فروغٌ شيءٌ آخر، أنا أقول المسألة تحتاج إلى دراسةٍ أكثر من ذلك، ليس الجواب عنها كلماتٌ تُقال. |
السؤال الثاني عشر:
الخَضِر وقد ذكره الله في القرآن الكريم هو ليس نبي لكن الله منحه معجزات أكثر من الأنبياء فما هو السبب والحكمة؟
| القرآن لم يذكُر الخَضِر بالاسم، لكن كثيرٌ من العلماء قالوا على أنَّ الرجُل الصالح هو الخَضِر، يعني يُسمّونه الخَضِر لكن الله أعلم. |
| في القرآن: |
فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا(65)(سورة الكهف)
| أنا أقول إنه نبي، هذا الرجُل الصالح نبي، ودليلي على ذلك ما ذكره كثيرٌ من أهل العِلم: (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا). |
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا(82)(سورة الكهف)
| فأنا أقول هذا الرجُل الصالح، الذي في كثيرٍ من الروايات هو الخَضِر، هو نبيٌ من أنبياء الله، وجرت على أيديه مُعجزة من معجزات الله، بأمرٍ مباشرٍ من الله، وهذه الحالة لتعلِّمنا أنَّ وراء أقدار الله تعالى، حِكَماً لا نعلمها ولا تتكرر، يعني ما يُقبَل اليوم من إنسانٍ عالمٍ، والله أعلم بعض المشايخ القُدامى كان بعضهم يقول: لا تسألني عن الخَضِر، هذه الحالة لا تتكرر، يعني ليس كل واحدٍ يظن نفسه العبد الصالح، وما فعلته عن أمري، أخي ترتيب ربَّك! الشرع ربَّك، سيدنا موسى كان معه حق، سيدنا موسى كان بطبيعته سريع الانفعال، واضحة جداً في القرآن الكريم: |
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ(15)(سورة القصص)
| سيدنا موسى ينفعل بسرعة، فهذه طبيعته: |
قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا(67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا(68)(سورة الكهف)
| فصحيحٌ أنه استعجل، لكن سيدنا موسى كان يتكلم من منظار الشريعة: |
فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا(74)(سورة الكهف)
| لا يجوز! |
فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا(71)(سورة الكهف)
| فسيدنا موسى كان يتكلم من منظار الشريعة الذي نتكلم به جميعاً، فاليوم لا أحد يقول أنا مأمورٌ بأمر الله، أُنفِّذ ولا أحد يعترِض، لا، نعترِض عليك إذا كان الأمر مُخالفٌ لشريعة الله عزَّ وجل. |
| بالمناسبة سيدنا موسى وكل الأشياء التي اعترض عليها، من أقدار الله التي وقعت بأمر الله مباشرةً لنبيٍ من أنبيائه، كل الأشياء التي اعترض عليها، جرَت معه وفق أقدار الله لكنه لم ينتبه لها، سيدنا موسى قال له: (أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا) وأنت عندما وضِعتَ في التابوت صغيراً، هل غرقت أم نجوت؟ وهذه السفينة خُرِقَت لتنجو لا لتُغرِق أهلها، فأقدار الله كثيرة. |
| لمّا قال له: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ) وأنت عندما وكزت القبطي (فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ) |
فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا(77)(سورة الكهف)
| ولمّا سقا للفتاتين: |
فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ(24)(سورة القصص)
| أقدار الله عندما تُسيُّرنا نحن لا ندري لماذا؟ لكننا نؤمن أنَّ وراءها حكمةً، هذا سرّ سورة الكهف التي نقرأها كل جمعة، حتى نُدرك أنَّ أقدار الله تعالى وراءها حِكمٌ خفيةٌ لا نعلمها، فإمّا أن تُكتَشف الحكمة فوراً كما حدث مع أصحاب السفينة، لعلَّهم اكتشفوا بعد حينٍ بسيطٍ، الحكمة مباشرةً، أنهم نجوا من هذا المَلِك الذي يأخُذ كل سفينةٍ غصباً. |
| وإمّا أن تتأخر الحكمة قليلاً، لتتضِح كما حدث مع الغُلامين في المدينة، بعد عشر سنين شبّوا ووجدوا الكنز، فعلموا الحكمة من بناء الجدار. |
| وإمّا أن يطول الأمد، فلا نعلم عن الحكمة شيئاً إلى يوم القيامة، كما حصل مع قتل الغلام، لم يعلموا لماذا حصل، وربما ماتوا كمداً وحزناً عليه، لكنهم سيعلمون يوم القيامة، أنَّ الله عزَّ وجل أراد أن يقضي هذا الغلام إلى ربّه، حتى لا يُرهِقهُما طُغياناً وكفراً، هذه أقدار الله. |
السؤال الثالث عشر:
أسأل أهل المسجد جميعاً الدعاء لي ولأهلي بالتيسير والتوفيق والمغفرة والعافية.
| ادعوا له إخواني أن يُيَسِّر الله أمره، وأن يُصلِح حاله، وأن يوفِّقه، وأن يغفر له، وأن يعافيهُ. |
السؤال الرابع عشر:
هل تدخل أراضي الإصلاح الزراعي ضمن الميراث؟
| أول شيء يُنظَر فيها، إذا كانت حقٌ لأحدٍ تُعاد إلى أهلها، فإذا ثبت أنها لفلان أو لفلان تدخُل طبعاً، لكن يُنظَر فيها أولاً، هذه أراضي مُغتصبة؟ إذا كان لها أصحاب فيجب أن تُعاد إلى أصحابها، لا يوجد إصلاح زراعي عندنا، لكن جميع الورثة يتفقون، أنَّ هذه الأرض تُعاد لأصحابها، هذا حُكم الله تعالى، لكن إذا ثبت أنه ليس لها صاحب، أو أنه تملكها بوجه حق، بعد الإثبات طبعاً تدخُل ضمن الميراث. |
السؤال الخامس عشر:
استدان منّي شخصٌ مبلغاً فأعطاني أكثر من هذا المبلغ، فأرجعت له المبلغ الباقي فرماه على الأرض أمامي فأخذته، فهل هذا المبلغ حلالٌ أم حرام؟
| حلال، أنت لم تتَّفِق معه بدايةً أنه تُعطيني مئة أُعطيك مئة وعشرة، أنت قلت له هذه مئة قرضٌ حسن تُرجعها مئة، والرجُل صاحب ذوق، نظر إلى حال الوضع فقال: والله صبر عليَّ فأعاد مئةً وعشرين دون اتفاقٍ مُسبقٍ أبداً ولا تبييت نيّة، هذا ذوقٌ منه، خُذها وهي حلالٌ لك إن شاء الله. |
السؤال السادس عشر:
فاتتني صلاة العصر لم أتذكرها لبعد أذان المغرب، هل أُصلّيها جهرةً أم سِرَّاً؟ علماً أن وقت المغرب قد فات.
| سِرَّاً، الصلاة الفائتة تُقضى على حالها، فهي عصرٌ سِرَّيةٌ تُقضى سِرَّاً. |

