التوحيد
سؤال وجواب - 11 ربيع ثاني 1446
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | 
| بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين. | 
السؤال الأول:
ما بال غزَّة وما مصيرها ونهاية أمرها:
ما بال غزَّة؟ وهل هذه أقدارها؟ كدنا نقتنع أنَّ ما يُسمّى بالطوفان هو السبب لِما أصابهم، إن كان من أجل الشهداء فقد قدَّمت الكثير، وإن كان للصبر فقد صبرت، وإن كان للبلاء فقط ثبتت، فما مصيرها ونهاية أمرها، وخذلاننا لها نحن العرب؟
| والله الخذلان من جملة المسلمين وليس العرب فحسب، دائماً تأتي الأسئلة عن غزَّة لأنها في ضمير الناس، ولأنَّ هؤلاء الصهاينة قد تغطرسوا وقد بالغوا في إجرامهم، حتى بلغ من إجرامهم أمس أنهم أوقفوا السفن المُتجهة لنصرتها لا بالسلاح ولا بالعتاد وإنما بالطعام والشراب، والعدو إذا زاد من غطرسته فتيقَّن أنَّ نهايته قد اقتربت، ولا أقول هذا الكلام تفاؤلاً أو سذاجةً، وإنما أقوله من التاريخ ومن سُنَن الله تعالى في القرآن الكريم. | 
| مما يُعلِّمنا إيّاه القرآن والتاريخ، أنَّ غطرسة عدوك تعني أن نهايته قد اقتربت، وهذا لا يعني أن نتخلَّى عن مسؤولياتنا، وأن نترك الأمر لأن نهايتهم قد اقتربت وأنه لا شيء نفعله، فالعجز ليس من شأن المؤمن، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من العجز، ونحن نشعر بالعجز، والحقيقة أنَّ ما تمرُّ به غزَّة اليوم قد مرَّت به الأُمة سابقاً، التتار والمغول، المسجد الأقصى حْوِّل إلى إسطبلٍ للخيول، الحجر الأسود بقي بعيداً عن الكعبة واحداً وتسعين عاماً، حتى قيَّض الله تعالى له من يُعيده، أبو طاهر القُرمطي وقف في صحن الحَرَم، وقد قَتل الناس وهُم بثياب الإحرام، وانتزع الحجر الأسود، لكن الحقيقة الشيء الذي يُدمي القلب، هو حالة الخُذلان غير المسبوقة وليس الإجرام، هذه حال الأُمة، أُمتنا أُمةٌ مُبتلاة، قال صلى الله عليه وسلم: | 
{ أمتي أمةٌ مرحومةٌ ليس عليها عذابٌ في الآخرةِ، عذابُها في الدنيا الفِتنُ والزلزالُ والقتلُ }
(أخرجه أحمد وأبو داوود والطبراني)
| فهذه الأُمة فيها ابتلاءاتٌ عظيمة، لكن الذي نستغربه والذي يجعلنا نتأسى جداً جداً، هو حالة الخُذلان والعجز، يعني أنا أُريد أن أفعل شيئاً ولا أحد يوصلني إلى أن أفعله، شبابنا مستعدون، نساؤنا مستعدات، الأُمة فيها خيرٌ كبير لكن حتى أن أوصل لهم الطعام ممنوعٌ عنّي، هذا هو القهر الذي نعيشه اليوم، وهو قهرٌ شديد، ونعوذ بالله من قهر الرجال. | 
| ما مصيرها؟ مصيرها العِزَّة إن شاء الله عاجلاً أو آجلاً، رأينا بأعيننا أم لم نرَ، ومصير أعدائها الخُذلان، فئةٌ مجاهدةٌ صابرة أعدَّت خمساً وعشرين سنة لقتال هؤلاء، لا يمكن للحظةٍ واحدة أن نُحاسبها على فعلٍ فعلته، وأنا الآن أقول: سواءً يا أهل غزَّة وافقتم على شروط الاحتلال أم لم توافقوا على شروط اللعين في البيت الأسود، أو لم توافقوا فنحن معكم، ولا تنظروا إلينا، ولا تهتموا لحالنا، لا تضعونا في حسبانكم أن نقول يوماً لماذا تنازلوا؟ إن تنازلتم اليوم بشيءٍ فسنقول أنتم الكرارون إن شاء الله، وإن ثبتُّم سنقول أنتم الصامدون، نحن ليس لنا الآن أن نتكلم، أنا لا أقول ذلك تواضعاً وإنما حقيقةً، أمّا أن يُنسَب إليهم أنَّ ما جرى بسبب الطوفان! فلا يُنسَب لشخصٍ أراد عِزَّته وأراد أن ينهض بحال أُمته، لا يُنسَب له تخاذُل، هُم عندهم أغلاط ليسوا ملائكة كلنا بشر، لكن الإشارة الآن إلى أغلاطهم هي خدمةٌ للصهاينة المُعتدين، أيُّ إشارةٍ الآن لغلَط المظلوم هي خدمةٌ للظالم. | 
| فالآن السِهام تتوجه فقط إلى هؤلاء الصهاينة المُعتدين، وتوعية أبنائنا إلى خطر هؤلاء، وأنهم يكيدون لأرضنا ولبلدنا، وأنَّ مشروعاتهم مشروعات توسُّعية، لكن اليوم من كلامهم هُم عندهم ما يُسمّى بعُقدة العقد الثامن، يعني دولتهم المزعومة الآن دخَلَت في ثمانين سنة، فعندهم في كتبهم يتحدثون عن مصيبة العقد الثامن، بأنها لا تستمر أكثر من ثمانين عاماً، فهُم من كُتُبِهم ومن أدبياتهم ومن كلامهم، أصبحوا الآن يخافون على وجودهم لا على أمنِهم، هذا من كلامهم هُم أنا لا أتكلم من عندي، من كلامهم الموثَّق وهذه النزاعات البينية بينهم. | 
لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ(14)(سورة الحشر)
| نحن حالنا صعبٌ جداً، لكن إن شاء الله جهزوا أنفسكم للمعركة القادمة لنُصرة أرض المسرى، فهي قادمةٌ لا محالة، ونسأل الله تعالى أن يُرينا بأعيننا ذُلَّ أعدائنا ونُصرة أولياء الله تعالى. | 
السؤال الثاني:
جملةٌ يقرأُها الظالم فيخاف ويقرأُها مظلومٌ فيرتاح:
أُريد جملةً يقرأُها الظالم فيخاف ويقرأُها مظلومٌ فيرتاح؟
| قال أحد الخلفاء لأحد حُكمائه: قُل لي كلاماً إن كنت سعيداً أحزن، وإن كنت حزيناً أفرح، قال له: "كل حالٍ يزول"، فالظالم سيزول حاله، والمظلوم سيزول حاله إن شاء الله. | 
السؤال الثالث:
المؤمن مؤتمنٌ لما أؤتمن عليه:
أنا طبيب أسنانٍ في دولةٍ أوربية، هناك بعض المرضى تَقلَع أسنانها وهي تحوي الذهب، أسأل المريض إذا كان يريد الاحتفاظ بقطعة الذهب فغالباً يكون الجواب لا، يمكنك التبرع بها، هناك يوجد صندوقٌ للتبرعات في العيادة، السؤال هل يجوز الاحتفاظ بقطعة الذهب لنفسي؟ هل يجوز التبرع بها في بلدي، أم يجب أن أضعها في صندوق التبرع الخاص للعيادة؟ وشكراً، أنا طبيبٌ موظف ولست المالك للعيادة.
| هو ما دام تركه فلكَ أن تأخذه، إلا إذا اشترط شيئاً، إذا قال لك أنا أشترط أن تعطيه لأحدٍ لا تأخذه لنفسك، أمّا بشكلٍ عام إذا قال أنا لا أُريده لك أن تأخذه، لكن إذا كنت مكتفياً فالأَولى أن تتبرع به للآخرين، الأَولى ولا أقول وجوباً، هو تركه لك أو لغيرك، في بلدك؟ نعم ممكن في بلدك، لا داعي للتبرع في البلد نفسه إن كنت تعلم بلداً فيه فقراء فأرسلته، لا مانع إن شاء الله. | 
السؤال الرابع:
حكمة تكرار قصة سيدنا موسى مع بني إسرائيل في القرآن الكريم:
لماذا ذكر الله تعالى سيدنا موسى كثيراً في القرآن فقد أصبحت أشعر أنه قد لا تخلُ سورةٌ إلا ويُذكَر بها سيرته الكريمة مع بني إسرائيل؟
| نعم أنا لي بحثٌ قديم اسمه قصة موسى في القرآن الكريم، عُنيتُ بهذا الأمر واستفدت كثيراً من كتاب الظلال للسيد قُطب رحمه الله تعالى، فهو يذكُر لماذا تكررت قصة موسى في القرآن؟ | 
| ملخَّص الموضوع: قصة موسى أولاً كثيرة الفصول والأحداث، لأنها مع بني إسرائيل المشاغبين دائماً، فقصته متنوعة الفصول، ففي كل سورةٍ يذكُر الله تعالى جزءاً من القصة يُناسِب محور السورة، ولمّا النبي صلى الله عليه وسلم هاجر من مكَّة إلى المدينة، جاء إلى المدينة وفيها يهود، وهؤلاء اليهود لهم قصص مع أنبيائهم، فالقرآن الكريم أراد أن يُعلِّم أمة الإسلام على طريقة " الحكي لك يا جارة واسمعي يا كنّة" المرأة في البيت أحياناً تتحدث مع جارتها لتُسمِع كنَّتها، أو بالعكس تتحدث مع كنَّتها لتُسمِع جارتها، فهذه طريقةٌ غير مباشرة أبلَغ في الوعظ والوصول إلى القلوب. | 
| فالقرآن الكريم يُحدِّث عن أمراض بني إسرائيل، لأنَّ كل الأمراض التي وقعوا فيها مع نبي الله موسى عليه وعلى نبينا السلام، نحن مُرشَّحون أن نقع فيها، فمثلاً لمّا جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أول ما نزل سورة البقرة، وسُمّيَت سورة البقرة لأنَّ فيها قصة البقرة، ولم تُذكَر هذه الجزئية من قصة موسى مع قومه إلا في سورة البقرة، ما مشكلة بني إسرائيل في سورة البقرة؟ لا يؤمنون بالغيب، افتُتِحَت السورة: | 
الم(1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ(2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)(سورة البقرة)
| بنو إسرائيل لا يؤمنون بالغيب، اذبحوا بقرة، ما هي؟ ما لونها؟ ما هي؟ | 
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ(71)(سورة البقرة)
| لا يفهموا أن افعل وانتهى الأمر، فجاء القرآن ليُعلِّم أُمة الإسلام، أنه إذا جاءك الأمر من الله فافعله فوراً ولا تفعل كبني إسرائيل، لا تكن مثلهم، بنو إسرائيل: | 
كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(79)(سورة المائدة)
| إيّاكم أيُّها المسلمون أن تتركوا النهي عن المُنكر. | 
| فقصة موسى مع قومه، قصة نموذجية جداً لتعليم أُمة الإسلام بطريقةٍ غير مباشرة، إيّاكم أن تقعوا بالأمراض التي وقع بها بنو إسرائيل انتبهوا، فهذا سبب تكرار ذكرها لكن لم تكرر، يعني لو استقصيت كما قلت لكم أنا لي بحث، استقصيت السورة في ثلاثين موضعاً، هي في ثلاثين موضعاً ذُكِرت قصة موسى بشكلٍ مختصرٍ أو مُفصَّل، استقصيتها كل مكان حسب محور السورة، يذكُر الله جزءاً من القصة يناسب محور السورة، وهذا من التفسير الموضوعي الذي يطول شرحه. | 
السؤال الخامس:
أصحاب الأخدود كانوا مسيحيين أو يهود:
قلت في الخُطبة أنَّ أصحاب الأخدود مؤمنون فهل كانوا مسيحيين أو يهود لأنَّ ذلك قبل الإسلام؟
| كانوا على شريعة عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، هم جاؤوا بعد سيدنا عيسى وقبل بعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فكانوا نصارى موحدين، فجاء مَلِكٌ وفتنهم عن دينهم، والقصة موجودة في صحيح مسلم، قصة الغلام المؤمن الذي كان له راهبٌ نصراني تَعلَّم منه دينه، ثم أراد أن يقتله وخاف على مُلكه منه، فقال له: لن تقتلني حتى تقول بسم الله ربِّ الغلام، لأنَّ ربّي وربُّك الله، فتورَّط المَلِك، لأنَّ البعيد عن الله عزَّ وجل دائماً يُلجئه الله تعالى إلى أن يرتكب حماقةً شاء أم أبى، فتورَّط وقال: بسم الله ربِّ الغلام، وألقى السهم فقتله، فقال الناس: آمنّا بربِّ الغلام، فحفر لهم الأخدود، فالقصة بعد زمن سيدنا عيسى، قبل بعثة نبينا محمدٍ بمئة عام، وهُم كانوا موحّدين نصارى على شريعة عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. | 
السؤال السادس:
حُكم النِقاب للمرأة:
ما حُكم النِقاب للمرأة؟
| النقاب المقصود به ستر الوجه، الإسلام فيه قضايا فيها كلامٌ لأهل العِلم، سببها أنَّ النصوص مُحتمِلة، تحتمل أحد الوجهين، ذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى أنَّ عورة المرأة أمام الرجال الأجانب، هي جميع بدنها عدا الوجه والكفَّين، واستدلّوا على ذلك بحديث نبينا صلى الله عليه وسلم الذي ضعَّفه بعض أهل العِلم: | 
{ أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ دخلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعليها ثيابٌ رقاقٌ فأعرض عنها وقال :يا أسماءُ إنَّ المرأةَ إذا بلغت المحيضَ لم يصلُح أن يُرَى منها إلَّا هذا وأشار إلى وجهِه وكفَّيهِ }
(أخرجه أبو داوود)
| واستدلّوا أيضاً بقوله تعالى: | 
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31)(سورة النور)
| قال ابن عباس رضي الله عنهما: الوجه والكفَّان. | 
| وبهذا المعنى يكون لباس المرأة ساتراً، وليس كما نجد اليوم بعض البنات ونساء المسلمين، نسأل الله السلامة، يكون ساتراً فضفاضاً ليس مُعطَّراً ولا مُطيَّباً، ولا يشبه لباس المُنحرفات بحال، وساتراً لجميع بدنها عدا الوجه، وهو ما تحصل به المواجهة، فالأُذُنان ليسا من الوجه، والكفّان إلى المِعصَم وليس إلى أعلى كما تفعل بعض النساء، وليس الحجاب الذي معه البنطال الضيِّق، ولا الحجاب الذي معه المكياج، فهذا كله مُحرَّمٌ شرعاً بلا خلاف. | 
| وذهب بعض أهل العِلم إلى أنَّ الوجه والكفَّين من عورة المرأة، فقالوا بوجوب ستر جميع بدنها مع الوجه والكفَّين، ولكلٍّ أدلَّته، وتوسَّط فريقٌ آخر فقالوا: تستر وجهها إن لم تؤمَن الفتنة، يعني كأن تكون امرأةً ذات وجهٍ مُميز، أو في مكانٍ فيه فسوق أو كذا، فتخشى على نفسها من نظر الرجال فتستُر وجهها. | 
| فهذه أقوال أهل العِلم في المسألة، ما أتمناه أنَّ المرأة التي اختارت النقاب لا شكَّ أنها اختارت الأكمل والأبرأ لذمتها وأنها مأجورةٌ عند ربِّها، ونحترمها ونرفع لها القُبَّعة، وأنَّ المرأة التي التزمت الحجاب الشرعي بشروطه التي قلتها، مع إظهار الوجه والكفَّين معاً أيضاً على العين والرأس. | 
| فلا تُنكِر منقَّبةٌ على مُحجَّبة، ولا مُحجَّبةٌ على مُنقَّبة، لا المُنقَّبة تقول أنتُنَّ كلكن فُسَّاق لأنكن كاشفات الوجه وإلى نار جهنم والعياذ بالله، ولا تأتي مُحجَّبةٌ لتقول للمُنقَّبة ما هذا التشدُّد؟ لماذا النقاب؟ لا يوجد في الدين نقاب؟ لا هذه تقول هذا ولا هذه، يعني مادام الأمر فيه سعة في شرع الله، وأقوالٌ للعلماء ولصحابةٍ كرام، فنحن فيه بين حدَّين أدنى وأعلى، وما بينهما مقبول سواءً من أخذت بالحد الأدنى، أو من أرادت الحد الأعلى، فالمُنقَّبة محترمة تُرفع لها القُبَّعة كما يقال، والمُحجَّبة قد أتت بالمطلوب منها إن شاء الله، ونسأل لها النجاة بين يدي الله تعالى. | 
| طبعاً الأدلة كثيرة أنا لم استعرضها، وما أُرجِّح الآن وإنما أقول أقوال أهل العِلم. | 
السؤال السابع:
الزواج نصيبٌ أم اختيار:
هل الزواج نصيبٌ أم اختيار؟
| اختيار، لو لم يكن اختياراً لَما قال تعالى: | 
{ إذا أتاكم من تَرْضَون خُلُقه ودِيْنَه فزوِّجُوه، إلا تفعلوا تَكن فِتْنَةٌ في الأرض وفسادٌ عَرِيض }
(أخرجه الترمذي وابن ماجه)
| ولَما قال للرجُل: | 
{ تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ }
(صحيح البخاري)
| كيف يأمرنا الله أن نختار ونحن ليس لنا الخيار؟! الزواج اختيار، يختار المرء ما يشاء، صحيح أنَّ الله عزَّ وجل يُقدِّر جلَّ جلاله، لكن هذا الإيمان بالقدَر نؤمن به ولا نحتج به، يعني لا يقول إنسان أنا ما اخترت الله اختارها لي، لا، اختَر وابحث عن الزوجة الصالحة، و اختاري وابحثي عن الزوج الصالح، وآمني بقضاء الله وقدره، لكن لا نحتج به على تقصيرنا في اتخاذ الأسباب. | 
السؤال الثامن:
التفكير الإيجابي والبعد عن الوسواس:
هل هناك حلٌّ للتفكير المُفرِط؟
| لا أدري ما المعنى تفكيرٌ مفرط، يعني إذا كان تفكيرٌ صحيح أفلا يتفكرون، لكن إذا كان وسواس فالحل هو التجاهُل، التجاهُل التام، أن يتجاهل الإنسان الخواطر التي تأتيه حتى تذهب عنه. | 
السؤال التاسع:
النَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ حقٌّ على اللَّهِ عونه:
أنا عاقد قراني منذ ثلاث سنين وحتى الآن لم تتيسَّر كثير من الأمور رغم السعي والثقة بالله، هل من الصحيح لكي أتمم زواجي بسرعةٍ أو لا؟
| نعم من الصحيح أن تُقدِم وأن تُبيِّن لأهل زوجتك حالك، يعني ثلاث سنوات كثير ويؤدّي إلى إشكال، تقول لهم: أنا هذا حالي وراتبي يكفيني، الآن لنبقى على الموجود، دعونا نُيسِّر الأمور فيما بيننا أحبابنا الكرام، أقول لأولياء الفتاة: حتى يصبح عنده بيت؟! لن يصبح عنده بيت فالوضع اختلف، الأمور صعبة جداً أحبابنا الكرام، إيجار البيت غالٍ جداً، فيسِّروا ولا تعسِّروا. | 
{ أعظمُ النِّساءِ برَكةً أيسرُهنَّ مؤنةً }
(أخرجه أحمد والنسائي)
| فقُل لأهل زوجتك أنا هذا وضعي، أستطيع أن أعيش أنا وهي، نستأجر غرفةً ولنشرَع في الحياة | 
{ ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ }
(أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه و أحمد)
| فأنا أدعوك إلى الاستعجال والتوكل على الله، والله يُعينك لكن مع بذل الجهد. | 
السؤال العاشر:
من أراد تبديلاً في الميراث فليُعد جواباً لله تعالى:
امرأةٌ مُطلَّقة ولديها بنتٌ واحدة، تملِك بيتاً سكنياً وترغب أن تكتب هذا البيت بإسم ابنتها، علماً أنَّ لديها إخوةٌ ذكورٌ وإناث، ما حُكم الشرع بذلك؟
| حُكم الشرع بذلك أنَّ الإنسان حرٌّ في حياته، يتصرف في ماله كيفما يشاء بشرط أن لا يكون في نيَّته أن يَحرِم أحداً من الميراث، لأنَّ هذا ليس حقّاً له، فالآن الذي يكون له بنات وليس عنده ذكور، سواءً امرأةً أو رجُل، فإنَّ نصف الميراث يذهب إلى بناته أو إلى البنت الوحيدة، والنصف الثاني يذهب لإخوته، فيأتي ويقول لا أُريد أن يرثني إخوتي، لماذا؟ لا أُحبهم، وكأنه هو مالِك المال، يعني يظن أنه هو صاحب المال، أنت لست صاحب المال، عندما يتوقف القلب المال للورثة وليس لك، فينوي حِرمان أحد من الميراث، فيأتي ويُسجِّل البيت لابنته أو لبناته حتى لا يُعطي إخوته، هذا لا يجوز. | 
{ إنَّ الرجلَ ليعملُ أو المرأةُ بطاعةِ اللهِ ستين سنةً، ثم يحضُرْهُما الموتُ فيُضارَّانِ في الوصيةِ فتجبُ لهما النارُ }
(أخرجه الترمذي وأبو داوود)
| فدعوا أمر الميراث لله تعالى، لكن لو أنَّ أباً عنده بنتٌ وحيدة لم تتزوج وحالها فقير، وإخوته مثلاً يعلم من حالهم معه أنهم لن يُعينوها ولن يقفوا معها، والبيت صغير يعني إذا أخذت نصف البيت لا يكفيها لشراء بيت، فخاف أن تبقى بلا بيت، ففي حياته سجَّل لها هذا البيت، أو سجَّل لها حقَّ الانتفاع به مدى الحياة، هذا له مُبرِّر أمام الله، فأنا أقول دائماً أعدَّ لله تعالى جواباً، إيّاك أن يكون هدفك الحرمان من الميراث. | 
بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ(14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ(15)(سورة القيامة)
| إذا كان هناك سببٌ شرعي بأن تُسجِّل في حياتك البيت لفلان فافعل، أمّا إذا لا يوجد سببٌ شرعي إلا أنك لا تريد أن يرث إخوتك فلا يجوز. | 
السؤال الحادي عشر:
حُكم من أخلف في ردّ دينٍ عليه ودفع نصف المبلغ:
أحدهم استدان من الآخر ديناً في موعد على أن يردَّهم وأخلف عن الموعد وقال ابنه أُعطيك نصف المبلغ وتوقع له أنه بريء الذمة هل هذا صحيح؟
| إذا اتفق الطرفان لا مانع، أنا لي معك مئة، فقلت لي خذ هذه الخمسين وأبرئني من البقية، لا مانع إن شاء الله إذا اتفق الطرفان على ذلك. | 
السؤال الثاني عشر:
سارع إلى التوبة لأنك لا تضمن غَدَكَ:
أُريد أن أتوب مراراً ولكن أخجل من أصحابي أن أتركهم، ما الذي سوف يقولونه عنّي؟
| والله إذا بقيت تخجل من أصحابك يعني: | 
الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ(67)(سورة الزخرف)
فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ(55) قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ(56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(57)(سورة الصافات)
| هذا الخليل الذي تخجل أن تُطيع الله من أجله، هذا عدو، حتى إنَّ الله تعالى قال: | 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(14)(سورة التغابن)
| الزوجة أحياناً عدوّ إذا كانت تريد من زوجها أن يرتكب الحرام ليأتي بالمال، فأيُّ إنسانٍ يُلجئُك إلى معصية الله تعالى فهو عدوٌّ بثوب صديق، فابتعد عنه وسارع إلى التوبة لأنك لا تضمن غَدَكَ. | 
السؤال الثالث عشر:
العدل بين امرأتين واجبٌ على الزوج إلا في المشاعر:
كيف يقول الله عزَّ وجل وإن تعدلوا في مقصد الزواج ثم يقول ولن تعدلوا؟
| يجب مراجعة هذه الآيات لأنه لا يوجد فيها وإن تعدلوا بل ولن تستطيعوا: | 
وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا(129)(سورة النساء)
| هكذا الآية. | 
| العدل بين النساء ممكن، فلو أنَّ إنساناً تزوج أكثر من امرأةٍ نسأل الله السلامة، فالعدل ممكن، لكن العدل غير الممكن هو أن يعدل في المشاعر، هذا الذي لا يستطيعه، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: | 
{ اللهم هذا قَسْمي فيما أملِكُ، فلا تلُمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ - يعني القلبَ - }
(أخرجه أبو داوود والترمذي والنسائي وأحمد وابن ماجه)
| أنا أستطيع أن أبيت ليلة هنا وليلة هنا، أستطيع أن أُهدي هذه هدية وهذه هدية، هذه مسكَن وهذه مسكَن أستطيع، لكن المَيل القلبي أميل إلى واحدةٍ أكثر من الأُخرى، هذه لا أملكها فهذه (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا) أمّا إذا تزوج امرأتين وجب عليه العدل إلا في المَيل القلبي هذا هو الفرق بينهما. | 


 
                                                                                     
                                             
                                             
                                            

